للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يدخل في علم البديع حينئذ الوجوه المحسنة للكلام البليغ، مما يبحث عنه في علم العروض والقوافي، وغير ذلك من العلوم الأدبية؛ إذ بها يكتسب الكلام البليغ حسنا لا مرية فيه.

[(وهي ضربان) أي الوجوه المحسنة نوعان]

(معنوي) (١) يفيد حسن المعنى، ويكون له مزيد تعلق بحسن المعنى، وإن كان لا يخلو عن تحسين اللفظ، كما يظهر لك في بعضها.

(ولفظي) (٢) له مزيد تعلق بتحسين اللفظ كذلك، وأما الضرب المتعلق بكليهما بأن لا يكون له مزيد اختصاص بأحدهما فمما لم يوجد.

(أما المعنوي) بدأ بالمعنوي؛ لأن الاعتداد باللفظ إنما هو لكونه وسيلة المعنى، ولهذا ستسمع أن أصل الحسن في المحسنات اللفظية أن تكون الألفاظ تابعة للمعاني دون العكس.

(فمنه المطابقة) (٣) وما يلتحق بها إما بمعنى الموافقة أو المساواة ويؤيد الثاني تسميته بالتكافؤ فإنه بمعنى الاستواء.

(ويسمى الطباق) وهو مصدر مثل المطابقة كالقتال والمقاتلة، سمي بها لموافقة الضدين في الوقوع في جملة واحدة واستوائهما في ذلك، مع بعد الموافقة بينهما.

(والتضاد) ووجهه ظاهر، والتطبيق (أيضا) يقال: طبق الشيء الشيء إذا عمه، فالجملة عمت الضدين وشملتهما، والبديع أيضا وجهه ظاهر، وقيل:

المطابقة مصدر طابقت بين الشيئين إذا جعلت أحدهما على حذو الآخر. وما ذكرنا أقرب، فتأمل، ولا تبعد.

(وهي الجمع بين متضادين) هذه عبارة المفتاح، ولما كان مراده هنا


(١) أي أولا وبالذات وإذا كان بعض أنواعه قد يفيد تحسين اللفظ أيضا، كما في المشاكلة لما فيها من إيهام المجانسة اللفظية.
(٢) أي أولا، وبالذات وإن كان بعض أنواعه قد يفيد تحسين المعنى أيضا.
(٣) المطابقة في اللغة: الموافقة، ووجه المناسبة بينه وبين المعنى الاصطلاحي أن المتكلم فيه يوافق بين المعنيين المتقابليين.

<<  <  ج: ص:  >  >>