للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ندبه لأمر فانتدب أي دعاه له، فأجاب.

قال الشارح: فالأول داخل في مراعاة النظير؛ لكونه جمعا بين الأمور المتناسبة، والثاني داخل في الطباق؛ لكونه جمعا بين الأمور المتقابلة، وفيه نظر؛ لأن الدمع والضحك ليسا من الأمور المتناسبة، بل المتضادة.

وأقول ثانيا في نقد كلامه إن جعل العبارات متناسبة المقدار بالاستواء أو التقارب لتكون كمعانيها في التناسب ليس طباقا ولا تناسبا.

[ومنه الإرصاد]

(ومنه) أي: من المعنوي (الإرصاد) وهو في اللغة الإعداد، فالمتكلم أعد قبل الآخر ما يدل عليه.

وقال الشارح: هو نصب الرقيب، ولو ساعده اللغة فوجه المناسبة أنه جعل المتكلم المخاطب رقيبا ينتظر العجز (ويسميه بعضهم التسهيم) (١)، وكأنه أخذ هذا الاسم من السهم، بمعنى النصيب، أي إعطاء الكلام نصيبا من الحسن أو من السهم، بمعنى البيت الذي اشتهر، وجاز من بلد إلى بلد، فسمى التسهيم؛ لأنه يجعل الشاعر بهذا العمل بيته سهما أو من السهم بمعنى حجر على باب بيت بنى لصيد الأسد، فإذا دخله الأسد وقع فسد الباب، فجعل في البيت قبل العجز ما يصيد العجز.

قال الشارح: هو من برد مسهم أي: فيه خطوط مستوية، كأنه جعله منقولا بجامع التزيين.

(وهو أن يجعل قبل العجز) أي الآخر، وفيه خمس لغات العجز مسألة وكعضد وكتف، ويؤنث فينبغي تأنيث الضمير في قوله مما يدل عليه.

(من الفقرة) هي بالفتح والكسر في اللغة لما انتضد من عظام الصلب من الكاهل إلى العجب، ثم اشتهر في حلي يصاغ على شكل فقرة الظهر، وفي عرف الفن ما هو في النثر بمنزلة البيت في الشعر، مثلا قولهم يطيع الأشجاع بجواهر لفظه فقرة، ويقرع الأسماع بزواجر وعظه، فقرة أخرى، إلا أن البيت يكون بيتا وحده، والفقرة لا تكون فقرة بدون الأخرى (أو من البيت ما يدل عليه) أي: العجز، وهو آخر كلمة من البيت، أو من الفقرة وما يدل عليه قد يكون


(١) يسميه قدامة العسكري «التوشيح» وهو ما يكسب الشعر حلاوة والنثر طلاوة.

<<  <  ج: ص:  >  >>