للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً (١) الآية، أن يكون تشبيهات مفرقة، وأن يكون تشبيها واحدا مركبا، ولا مرية في أن لا فرق بين المركب والمفرق، إلا بأن العقل يجعل المتعدد أمرا واحدا مأخوذا من حيث الاجتماع في المركب، ويعتبره واحدا مشبها بواحد فواحد بواحد في المفرق، فكما لا بد في المفرق من اعتبار ألفاظ منوية في الطرف، وإن لم تكن مقدرة في نظم الكلام لا بد في المركب، فلا يكون الطرف الذي هو الهيئة المركبة مدلول اللفظ المفرد.

قلت: من تجويز التركيب والتفريق في جملة واحدة لا يجب أن يعتبر في التركيب ما يعتبر في التفريق، فليكن من جملة فضل التركيب على التفريق غناء التركيب عن تقدير الألفاظ دون التفريق، على أن في احتياج التفريق أيضا نظر؛ لم لا يجوز أن يكتفى في التشبيهات المفرقة بتخييل مفهوم المفرد واعتبار التشبيه بين جزء منها وشيء.

وقد فرع السيد السند التنافي بين الاستعارة والتبعية والتمثيل على وجوب تركيب الطرف في التمثيل، ووجوب إفراده في الاستعارة التبعية والتمثيل؛ لأنه يعتبر في المصادر ومتعلقات الحروف ابتداء، وكلها مفردات.

وشنّع على الشارح: في جعله كلمة «على» في قوله تعالى: أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ (٢) استعارة تبعية وتمثيلا، ومتابعته ظاهر عبارة «الكشاف»، وقد وقع بينهما مناظرة فيه وأطنب في هذا المقام غاية الإطناب، ولم يكن لنا غرض يتعلق بإيراده فأعرضنا عنه، وإن كان لنا فيما ذكره مباحث، لكن نقول:

لا التباس على ذوي الإحساس بعد قياس البناء على الأساس، فتبصّر بالبصيرة والبصر، واستعذ بالله في المزالق عن أن يكون في بئر ممن سرى لا حور وما شعر.

[وفسر التخيلية]

(وفسر) السكاكي (التخييلية بما) أي استعارة (لا تحقق لمعناه حسّا ولا عقلا) فلا يرد القول ونظائره، فإنه ليس معناه إلا أمرا وهميا؛ لأنه لم يدخل تحت المراد بكلمة ما، ولما كان ما لا تحقق لمعناه حسّا ولا عقلا شاملا لما لم يتعلق


(١) البقرة: ١٧.
(٢) البقرة: ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>