للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جاءنى مستعملا فى المجىء والتحريض على سبيل عموم المجاز، فإنه إنما يدفع بقولك: جاءنى الرجلان؛ لأن توهم التجوز إنما وقع فيه، نعم لو جعل كون أحدهما محرضا وسيلة إسناد المجىء إليهما تجوزا يصح أن يكون لدفع توهم الشمول على ما حققناه لك.

[وأما بيانه]

(وأما بيانه) أى: تعقيب المسند إليه بعطف البيان (فلإيضاحه) المراد بالإيضاح: رفع الاحتمال سواء كان فى المعرفة أو النكرة فلا يلزم كون المتبوع فيه معرفة، ولعل الإيضاح ليس كالتوضيح مخصوصا برفع الاحتمال فى المعرفة ولذا عرف النحاة عطف البيان بتابع غير صفة يوضح متبوعه مع تخصيصهم التوضيح بالمعارف كما عرفت، وسواء كان الاحتمال محققا أو مقدرا إذ قد يكون متبوع عطف البيان مما لا إبهام فيه أصلا، وإنما يؤتى بعطف البيان لتقدير الاحتمال بتقدير الاشتراك أو اتفاق الإطلاق على غيره مجازا؛ ولذا جعل قوم هود فى قوله تعالى: أَلا بُعْداً لِعادٍ قَوْمِ هُودٍ (١) عطف بيان لعاد مع كون عاد علما مختصا بهم لا إبهام له، قال السيد السند: عطف البيان ههنا لدفع الإبهام التقديرى إما من تقدير اشتراك الاسم بينهم وبين غيرهم وإما من جواز إطلاق اسمهم على غيرهم لمشاركتهم إياهم فيما اشتهروا به من العتو والعناد كثمود، ولذا قيل: عاد الأولى، فالفائدة التى لا يخلو عنها عطف بيان هو الإيضاح الحقيقى أو التقديرى؛ فلذا صح جعل النحاة إيضاح المتبوع فصلا لتعريفه، لكنه قد لا يكون الإيضاح مقصودا لذاته بل يجعل وسيلة إلى غيره كالمدح على ما ذكره صاحب الكشاف فى قوله تعالى: جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرامَ قِياماً لِلنَّاسِ (٢) أن البيت الحرام عطف بيان جىء به للمدح لا للإيضاح كما تجىء الصفة لذلك أراد: لا لمجرد الإيضاح أو لا للإيضاح الحقيقى فلا ينافي جعل النحاة كل عطف بيان للإيضاح لكن يمكن أن يكون عطف البيان مجرد البيت، فإن البيت- معرف باللام- علم للكعبة كالنجم ويكون المدح فى وصف عطف البيان بالحرام لا فى جعل الموصوف بالحرام عطف بيان ولجعل المسند إليه موسوما بالشىء لذكر عطف البيان على ما


(١) هود: ٦٠.
(٢) المائدة: ٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>