أقول: التقدير يغتر أي: يضحك ضحكا حسنا عن مثل لؤلؤ البيت، فالمشبه مقدر في نظم الكلام، وإنما لم يجعل استعارة مغنية عن التقدير؛ لأن الاستعارة أمور منافية لشيء واحد في كلام واحد دعوى ثبوت أمور متنافية لشيء واحد، فلا يقدم عليه عاقل، بخلاف التشبيه بالأمور المتنافية (وباعتبار وجهه) عطف على قوله باعتبار الطرفين، يعني باعتبار وجهه له ثلاث تقسيمات أوليات:
الأول: هو تمثيل وغير تمثيل.
والثاني: هو مجمل ومفصل.
الثالث: هو قريب وبعيد فصرح بالأول، بقوله:(إما تمثيل أو غير تمثيل) ولا يرد أنه تقسيم للشيء إلى نفسه وغيره؛ لأن التمثيل يرادف التشبيه، ويشهد لذلك كلام الكشاف حيث يستعمله استعمال التشبيه، لأنه مشترك بين مطلق التشبيه، وأخص منه وما هو نفس المقسم المعنى الأعم، والقسم ما هو أخص فلا إشكال، وبهذا اندفع أيضا أن تعريفه بقوله:
[وباعتبار وجهه]
[إما تمثيل او غير تمثيل]
(وهو ما وجهه منتزع من متعدد) غير منعكس لخروج بعض أفراد التمثيل عنه، ولا يرد أنه يشمل ما وجهه مركب حسي، فلا يطرد؛ لأن الشيخ قيده في أسرار البلاغة بكونه عقليا حيث قال: التمثيل التشبيه المنتزع من أمور، وإذا لم يكن التشبيه عقليا يقال: إنه يتضمن التشبيه، ولا يقال: إن فيه تمثيلا عليه، وأن يقال: ضرب الاسم مثلا لكذا، يقال: ضرب النور مثلا للقرآن والحياة للعلم هذا إلا لما قال السيد السند في شرحه للمفتاح: إن هذا القيد من قبل الشيخ. لأن ما أمكن لا يثبت مخالفة بين الجمهور والشيخ، بل؛ لأن الشيخ فسره بالتشبيه المنتزع من أمور ثم نبه على أن لفظ التمثيل لا يجوز إطلاقه على الحسي مطلقا، ويجوز إطلاقه على العقلي مطلقا.
ولا يخفى على الذوق السليم أن الشيخ فرق بين كون التمثيل بمعنى التشبيه المنتزع من أمور، وبين التمثيل بمعنى التشبيه بالوجه العقلي حيث جعل الأول معنى مقررا شائعا، والثاني مما قد يستعمل فيه بقوله جاز أن يطلق اسم التمثيل عليه ثم إني أخاف أن يتحير في حل عبارة الشيخ فأفسره لك تبرعا، فلا تؤاخذني