البلاغة، ولا تتعلق له بمقتضى الحال الذي من وظيفة المعاني.
ومنه الحذف لضيق المقام بسبب تضجر وشآمة، أو فوات فرصة، أو محافظة على وزن، أو سجع أو قافية، فإن قلت: إيجاب السجع أو القافية حذف المسند إليه خفي؛ إذ القافية حينئذ غيره، وكذا آخر لفظ السجع، وهو يحصل بجعل ذلك الغير قافية أو آخر سجع بدون حذف المسند إليه! ! قلت: إذا توقف النظم أو حسن السجع على حذف المسند إليه أو غيره ويكون الغير قافية أو آخر السجع بحذف المسند إليه للمحافظة على القافية أو السجع.
قال الشارح المحقق: وقد يكون من حذف المسند إليه حذف الفاعل، وحينئذ يجب إسناد الفعل إلى المفعول، ولا يفتقر هذا إلى القرينة الدالة على تعيين المحذوف؛ بل إلى مجرد الغرض الداعي إلى الحذف، مثل: قتل الخارجي لعدم الاعتناء بشأن قاتله، وإنما المقصود أن يقتل ليؤمن من شره، وفيه بحث، لأنه لا يجب إسناد الفعل بل إسناد الفعل أو اسم المفعول، ولو أريد بالفعل ما يعم شبهه يشكل بفاعل المصدر، فإنه يحذف، ولا يجب إسناد المصدر إلى المفعول، ولأنه يحذف الفاعل في: اضربنّ، واضربن، واضربوا القوم، واضربي القوم، وضرب القوم، وضربا القوم، مما لا يحصى.
ولا يجب الإسناد إلى المفعول ولأن المحذوف هنا ليس مجرد المسند إليه، بل المسند والمسند إليه، ويجب الداعي بحذف الجملة لا بحذف المسند إليه، بل لتبديل جملة بجملة، والداعي أن لا غرض متعلقا بإفادة صدور الفعل، بل الغرض إفادة وقوع الفعل على المفعول، ولأنه ربما يحذف الفاعل.
ولا يجب الإسناد إلى المفعول، وتجب القرينة والغرض الداعي نحو يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ (١) أي الملة التي هي أقوم، حذف إشعارا بأنه بلغ من الفخامة مبلغا لا يمكن ذكره، ونحو: جاء القرية بمعنى أهل القرية.
[وأما ذكره فلكونه إلخ]
(وأما ذكره فلكونه) أي الذكر لا ذكر المسند إليه كما توهمه عبارة المفتاح، حيث قال أو لأن الأصل في المسند إليه كونه مذكورا؛ إذ أصالة الذكر لا يخص شيئا، (الأصل) الذي لا يعدل عنه إلا بسبب، ولا مقتضى للحذف كذا في