كذا في الشرح، وقد عرفت ما فيه، ولك أن تريد بقوله كذلك أنه إما حسي أو عقلي، وإما واحد أو بمنزلة الواحد، وبقوله أو مختلف أن بعضه حسي وبعضه عقلي، وبعضه واحد وبعضه بمنزلة الواحد، لكن إيراد الأمثلة يوافق الأول، وحمل العبارة عليه أسهل.
(والحسي) أي: وجه الشبه الحسي (طرفاه حسيان، لا غير) فالمتعدد الذي بعضه حسي دخل في هذا الحكم؛ لأن فيه وجه شبه حسيا فلم يحتج إلى تأويل الحسي بالحسي بتمامه أو ببعضه، كما فعله الشارح، ولا إلى أن يقال حكم المختلف أخيل اشتراك العلة (لامتناع أن يدرك بالحسي من غير الحسي شيء) ويتجه عليه أن الحس كما سيجيء ما أفراده حسية فيجوز أن يدرك من الطرف الحسي والعقلي ما يصدق عليهما، ودفعه أن المراد أن وجه الشبه الخارج الحسي طرفاه حسيان، وهو أمر قائم بالطرفين، لكن لا بد أن يراد بحسية الطرفين أعم من الحسية حقيقة أو تنزيلا يشمل نحو قوله:
كأنّ النّجوم بين دجاها ... سنن لاح بينهن ابتداع
فإن وجه الشبه حسي مع أن السنن والابتداع ليست حسية، لكنها نزلت منزلة الحسي.
[والعقلي أعم]
(والعقلي أعم) أي: طرفا العقلي أعم من الحسيين، أو من طرفي الحسي؛ لأنهما يكونان عقليين ومختلفين أيضا.
(لجواز أن يدرك بالعقل من الحسي شيء) بل قد حقق في غير هذا العلم أن النفس في مبتدأ الفطرة خالية من العلوم كلها، ويحصل لها المحسوس باستعمال الحواس، والمعقول بالانتزاع من المحسوس؛ (ولذلك يقال التشبيه بالوجه العقلي أعم) أي: أعم تحقيقا، إذ كل طرفين يتحقق فيهما التشبيه بوجه حسي يتحقق فيهما بوجه عقلي، ولا عكس. أو المراد طرفا التشبيه بالوجه العقلي أعم من طرفي التشبيه بالوجه الحسي، وكل ما يصلح طرفا للثاني يصلح طرفا للأول دون العكس، وفيه نظر، إذ ما صح فيه التشبيه بالوجه الحسي يحتمل أن لا يكون فيه أمر عقلي له مزية اختصاص بأحد الطرفين، فيوجد التشبيه بالوجه الحسي دون العقلي.