للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الهمزة والهاء مع عدم صحة إدغام أحديهما في الأخرى متقاربتان، لكونهما حلقيتين، كذلك الميم والفاء متقاربتان شفويتان، وإن لم يصح إدغام أحديهما في الأخرى، ومثاله قوله تعالى: وَإِنَّهُ عَلى ذلِكَ لَشَهِيدٌ وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ (١) (أو في الآخر نحو) قوله تعالى وَإِذا جاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ (٢) الكلام فيه كالكلام في المثال السابق، بل أشد لأن الراء والنون متقاربتان بحيث يدغم أحديهما في الآخر، وغفلة الشارح المحقق عنه، مع التعرض بالسابق معجبة، والمثال المطابق تلاف وتلاق اعتصم بالله فليس غيره، من واق.

[وإن اختلفا في ترتيبها يسمى تجنيس القلب]

(إن اختلفا في ترتيبها) أي ترتيب الحروف فقط (سمي تجنيس القلب): ولم يعده المفتاح من أقسام الجناس بل جعله من القلب، وهو ضربان؛ لأنه إما أن يعكس الترتيب من الآخر إلى الأول (نحو: حسامه فتح لأوليائه حتف لأعدائه) هذا حل لقول الأحنف:

حسامك فيه للأحباب فتح ... ورمحك فيه للأعداء حتف

(ويسمى قلب كل) وإما أن لا يكون كذلك (نحو) ما جاء في الخبر (اللهم استر عوراتنا) جمع عورة وهي الفعلة القبيحة (وآمن روعاتنا) (٣) (ويسمى قلب بعض) وإن لم يخل حرف منه من تقديم وتأخير، هكذا ذكره الشارح، ولم يعثر على هذا التفصيل إلا من كلامه، وكلام من تبعه، ويحتمل كلام المصنف أن يراد بنحو: حسامه فتح إلخ ما يكون في جميع حروفه قلب سواء كان على الترتيب أو لا، وبنحو عوراتنا وروعاتنا، ما لم يكن القلب إلا في بعض حروفه وهذا أوفق بالتسمية بقلب الكل وقلب البعض.

(وإذا وقع أحدهما) أي أحد المتجانسين جناس القلب كذا فسره المصنف وتبعه الشارح المحقق، وفي المفتاح خصه بقلب الكل، وظاهر عبارته أنه إذا ولى أحد القسمين من قلب الكل وقلب البعض (في أول البيت والآخر في آخره يسمى) تجنيس القلب حينئذ (مقلوبا مجنحا) لأن اللفظين كأنهما جناحان للبيت


(١) العاديات: ٧، ٨.
(٢) النساء: ٨٣.
(٣) أورده العجلوني في كشف الخفاء (١/ ٢٠٨) وقال: «رواه أحمد في مسنده عن أبي سعيد الخدري» وبنحوه بصيغة المفرد في صحيح الجامع، حديث (١٢٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>