براءة ذمته عن مظنون سلمى، يعني فصل أراها عن قوله تظن سلمى مع اتفاقهما خبرا واتحاد المسند فيهما وتناسب المسند إليه لهما؛ لأن الأول محبوب، والثاني محب، فبينهما تضايف أو تقارن في الخيال؛ لأن العطف يوهم خلاف المقصود، وهو عطف أراها على أبغي وهو أقرب ولكونه كالمفرد العطف عليه كعطف المفرد على المفرد لا يقال لا مناسبة بين مسند أبغي وأراها، وكفى ذلك في نفي التوهم؛ لأنا نقول: كفى بالمناسبة كونه متعلق الظن، وفيه أن اختيار الفصل على العطف لذلك إنما يتمشى لو لم يكن في الفصل أيضا إيهام خلاف المقصود، ولا خفاء في احتمال كون أراها حالا عن فاعل أبغي وخبرا بعد خبر لأن إلا أن يقال الأصل في الجملة أن لا تخرج عن الاستقلال، والأصل هو الفصل، فإذا منع المانع عن العارض الذي هو العطف يختار الأصل بمرجح الأصالة وإن لم يخل عن مانع كان مع العطف فليتأمل.
في المفتاح: ولا يصح جعل الفصل لرعاية الوزن؛ لأنه ليس هناك أي ليس في مرتبة الداعي المعنوي فمع وجوده لا يستند صنع البليغ إلى الأمر اللفظي، ويعلم منه أن من نكات الفصل رعاية الوزن (ويحتمل الاستيناف) كأنه قيل: كيف يراها في هذا الظن فقال: أراها متحير في أودية الضلال
[وأما كونها كالمتصلة بها]
(وأما كونها) أي:
الثانية (كالمتصلة بها) بالأولى (فلكونها) أي: الثانية (جوابا لسؤال اقتضته الأولى، فتنزل) الأولى (منزلته) أي: منزلة السؤال؛ لأنه كلفظ السؤال في إفادة معناه (فتفصل) الثانية (عنها، كما يفصل الجواب عن السؤال) لما بينهما من الاتصال، كذا في الشرح، فقوله: كالمتصلة معناه كالمتصلة الكاملة، وإلا فبالتنزيل يحصل الاتصال؛ ولهذا قيد الاتصال سابقا بالكمال أو كمال الاتصال عبارة عن الاتصال الحقيقي.
ولم يقتصر على الاتصال وأدرج لفظ الكمال لحسن مقابلة الاتصال بشبه الاتصال؛ لأن الاتصال التنزيلي اتصال ناقص، وهذا يشعر بأن من موجبات كمال الاتصال كون الجملتين سؤالا وجوابا، وإنما لم يعد ذلك في تفصيل كمال الاتصال؛ لأن الجواب والسؤال لا يحتاج الفصل فيهما إلى اعتباره؛ لأنهما يكونان في كلام متكلمين فالجواب أبدا ابتداء كلام غير مسبوق بما يعطف عليه،