للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوصال، فإن الودائع تستعاد، ففيه تضمين معان لا معنى واحد، وقد نبهناك عليه موافقة معه لكن في موضع هو أحق بهذا التنبيه، ثم الأظهر عندنا أنه لا حاجة إلى تكلف في عبارة التعريفين وصرف النكرة المشتملة على دليل الوحدة إلى الجنس؛ لأن مثل ذلك استتباعات وإدماجات، ولا يجب صدق التعريف على المجموع، من حيث المجموع، بل على كل واحد، فاحفظه ينفعك في نظائره، ولا تعدل في تعريف بلا موجب عن ظاهره، واعلم أنه يمكن أن يكون المضمن في البيت كمال شرف الحلم، وعزته بحيث لا يمكن أن يعتمد في فعله أمانة على أخ من الإخوان، لا الشكاية من الزمان.

[ومنه التوجيه]

(ومنه: التوجيه) ويسمى محتمل الضدين، ومن هاهنا قيل المراد بقولهم:

(وهو إيراد الكلام محتملا لوجهين مختلفين) غاية الاختلاف، وبعضهم خصه بما يكونان مدحا وذما، (كقول من قال) قيل هو بشار- قال لأعور (١) يسمى عمرا خط لي ثوبا لا ندري أجبة أم قباء؟ أقول فيك شعرا لا تدري أمدح أم هجاء، فقال بشار:

(خاط لي عمرو قباء ... يا ليت عينيه سواء) (٢)

قلت: بيتا ليس يدرى أمديح أم هجاء؛ فإنه يحتمل تمني عمى العينين، وتمنى إبصارهما، فيحتمل المدح بأنه لحسن الخياطة يتمنى إبصار عينيه ليزيد حسن خياطته، ويحتمل الذم أي لسوء الخياطة (٣)، فيتمنى عمى عينيه ليتخلص الناس من خياطته، والفرق بينه وبين الإيهام وجوب استواء الاحتمالين فيه، ووجوب التفاوت في الإيهام ببعد المراد وقرب غيره، نظرا إلى نفس اللفظ على ما قيل، وعلى ما نقول يكون أحدهما مما نصب عليه القرينة في الإيهام، وإبقائهما هنا على الإيهام، فالمراد بكون الكلام محتملا لوجهين مختلفين احتماله بحسب الإرادة كما هو المتبادر أو الاحتمال على السواء.

[ومنه متشابهات القرآن]

(قال السكاكي: ومنه) أي من التوجيه (متشابهات القرآن باعتبار) قالوا: أي باعتبار احتمالها لمختلفين، وإن ليسا متضادين، ولا الاحتمال على


(١) في الأصل (قال الأعور) وما ذكرناه أوفق.
(٢) قاله بشار بن برد في خيّاط أعور، والبيت في الإيضاح: ٣٢٨.
(٣) في الأصل (ليس الخياط).

<<  <  ج: ص:  >  >>