للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وأحسن سبكا) بأن يكون في غاية البعد من التعقيد، وضعف التأليف، تكون الألفاظ متقاربة في الجزالة والمتانة، والرقة والسلاسة، وتكون المعاني متناسبة بألفاظها، من غير أن يكسى اللفظ الشريف المعنى السخيف، أو على العكس مثلا، بل يصاغان صياغة تناسب وتلائم.

(وأصح معنى) بأن يسلم من كونه متكلفا تابعا لألفاظ ركيكة وغير متناسبة، وأن يكون مبتذلة أو غير مهمة في المقام، ويسلم عن التناقض وإيهامه، وعن كونها معاني متقاربة، بحيث يشبه التكرار، ولا يخفى أنه بعد ما شرط كون المعاني متناسبة بألفاظها وأن يصاغا صيغة تناسب وتلائم لا حاجة إلى ما ذكره الشارح:

أنه مما يجب المحافظة عليه أن تستعمل الألفاظ الرفيعة في ذكر الأشواق ووصف أيام البعاد، وفي استجلاب المودات وملائمات الاستعطاف وأمثال ذلك.

[أحدها: الابتداء]

(أحدها الابتداء) فابتداء الحسن في تذكار الأحبة والمنازل (كقوله) أي قول إمرئ القيس: ([قفا]) التثنية للتكرير أو صيغة التأكيد بالخفيفة، قلب النون ألفا إجراء للوصل مجرى الوقف أو المخاطب اثنان كما يشهد به.

... نبك من ذكرى حبيب ومنزل ... بسقط اللّوى بين الدّخول فحومل (١)

السقط: منقطع الرمل حيث يدق، واللوى: رمل معوج يلتوي، والدّخول وحومل موضعان والمعنى بين أجزاء الدخول، فيصير الدخول كاسم الجمع، مثل القوم، وإلا لم تصح الفاء، قال الشارح: وقدح بعضهم في هذا البيت بما فيه من عدم التناسب لأنه وقف واستوقف وبكى واستبكى، وذكر الحبيب، والمنزل في نصف بيت عذب اللفظ سهل السبك، ثم لم يتفق له ذلك في النصف الثاني، بل أتى فيه بمعان قليلة في ألفاظ غريبة، فباين الأول، أقول: قد نبه المصنف بإيراده أنه يكفي في حسن الابتداء حسن المصراع الأول.

(وكقوله) أي: وحسن الابتداء في وصف الدار كقول أشجع السلمى:

قصر عليه تحيّة وسلام ... خلعت عليه جمالها الأيام (٢)

في الأساس خلع عليه إذا نزع ثوبه فطرحه عليه، وفي جعل جمال الأيام


(١) البيت مطلع ملعقته المشهورة وهو في ديوانه، وشرح المعلقات العشر. والإيضاح: ٣٦٩.
(٢) البيت في الإيضاح: ٣٧١ لأشجع السلمى.

<<  <  ج: ص:  >  >>