للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وضرب أخرج مخرج المثل) بأن تكون الجملة الثانية حكما كليا منفصلا عما قبلها جاريا مجرى الأمثال في الاستقلال وفشو الاستعمال، نحو: وَقُلْ جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ أي اضمحل الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً (١) في الإيضاح، وقد اجتمع الضربان في قوله تعالى: وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ (٢) فقوله: أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ تذييل من الضرب الأول، وقوله: كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ، من الضرب الثاني، فكل منهما تذييل على ما قبله، وفي تقريره إشعار بأن تذييل يطلق على الجملة الثانية أيضا، ولا يبعد أن يكون التذييلان بجملة واحدة، (وهو أيضا) أي: عاد التقسيم عودا، ففيه تصريح بأن التقسيم لمطلق التذييل لا بقسمة الثاني كما توهمه بعض من المثالين المذكورين؛ إذ تقسيم القسم ليس عود القسمة إلا بتأويل بعيد من جعل تقسيم قسم الشيء تقسيما له (إما لتأكيد منطوق كهذه الآية) فإن زهوق الباطل منطوق

[وإما لتأكيد مفهوم]

(وإما لتأكيد مفهوم كقوله) أي:

النابغة الذبياني:

[(ولست بمستبق أخا لا تلمّه) أي: لا تصلحه حال من أخا لعمومه بالنفي، وليس حالا عن ضمير المخاطب في لست أو مستبق؛ لأن ما يصلح حالا عن الفاعل والمفعول فهو حال عما يتصل به إلا بقرينة، وليس صفة لأخا؛ لأن المعنى على أنك لست بمستبق أخا أن لا يصلح تفرق حاله وذميم خصاله، والحال أقرب من معنى الشرط من الصفة؛ لأنه قيد للعامل دون الصفة (على شعث) أي: تفرق حال، وذميم خصال (أيّ الرّجال المهذّب)] (٣) أي: المنقح الفعال المرضي الخصال.

[أو بالتكميل]

(وإما بالتكميل ويسمى الاحتراس أيضا) وهو التحفظ سمي به؛ لأن فيه تحفظ الكلام عن نقصان الإبهام فناسب التسمية بالتكميل (وهو أن يؤتى في


(١) الإسراء: ٨١.
(٢) الأنبياء: ٣٤، ٣٥.
(٣) البيت في ديوانه: ٦٦، أورده القزويني في الإيضاح: ١٩٤، ومحمد بن علي الجرجاني في الإشارات ١٦٠، وهو من قصيدة يعتذر فيها للنعمان بن المنذر ويمدحه، ومطلعها:
أتاني- أبيت اللعن- أنك لمتني ... وتلك التي أهتم منها وأنصب

<<  <  ج: ص:  >  >>