للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصل المراد مما على أنه قد صرح كثير من النحاة بأن مثل هذا الشرط أعني الشرط الواقع حالا لا يحتاج إلى الجزاء، هذا ولا يخفى عليك أن ذكر المستثنى منه إذا لم يكن لفائدة يكون حشوا وأنه يشكل كون البيت مثالا للمساواة باعتبار حذف متعلق الخبر الظرف أيضا، وليس لك أن تجيب بأنه رعاية لأمر لفظي ولا حذف عن التحقيق؛ لأنه ينافيه ما قد سبق منهم من أن النكتة في جعل الخبر جملة ظرفية اختصارا لفعلية، فإنه يشعر بأنهم جعلوه إيجازا إلا أن يقال: التحقيق أنه لا حذف والتقدير لأمر لفظي كما يقتضيه التمثيل بالبيت، وما سبق كلام ظاهري حتى إن ذكر متعلق الخبر الظرف يكون حشوا مفسدا لوجوب حذفه إذ الإفساد أعم من أن يكون إفسادا لقاعدة اللفظ والمعنى، فما ذكره الشارح من أنه لو ذكر لكان تطويلا لا وثوق عليه.

[والإيجاز ضربان]

(والإيجاز ضربان:

[إيجاز القصر] (١)، وهو ما ليس بحذف) أي: بمحل حذف أو بسلب حذف (نحو وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ (٢) قال صاحب «المفتاح»: هو علم في إيجاز، ووجهه أنه رجح على ما هو أوجز كلام فيما بين البلغاء على ما بينه المصنف، (فإن معناه كثير ولفظه يسير) أوضح المصنف كثرة معناه بقوله في «الإيضاح»: لأن المراد به أن الإنسان إذا علم أنه متى قتل قتل كان ذلك داعيا له قويا إلا أن لا تقدم على القتل، فارتفع بالقتل الذي هو قصاص كثير من قتل الناس بعضهم لبعض، فكان ارتفاع القتل حياة لهم.

وفيه بحث؛ لأن ما ذكره دليل على دعوى أن في القصاص حياة، والدليل لا يراد بلفظ الدعوى، حتى يقال معناه كثير باعتباره، ولو كان الدليل موجبا لكثرة معنى الدعوى لكان كل دعويّ نظرىّ إيجازا.

(ولا حذف فيه) (٣) أورد عليه أن ما ذكره المصنف في بيان كثرة معناه


(١) بكسر القاف وفتح الصاد وإن كان المشهور فتح القاف وسكون الصاد، وكثرة المعاني مع قصد الألفاظ تأتي من كون اللفظ لا يقتصر على دلالة واحدة، بل تتنوع دلالته ويدل بالتضمن والالتزام على أكثر مما يدل عليه بالمطابقة.
(٢) البقرة: ١٧٩.
(٣) أي لم يحذف فيه شيء مما يؤدي به من أصل المراد، أما متعلق الجار والمجرور بتقديره لرعاية الإعراب فقط.

<<  <  ج: ص:  >  >>