قولك: المنطلق زيد، وكون الفصل له غير ثبت وإنما هو مما وهمه بعض من عبارة الكشاف في تفسير وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (١) ولكون بيانه متعلقا بمقام آخر لو بسطنا الكلام فيه لتساءمون ولقد سمعتم نبذا منه في بحث التعريف باللام إن كنتم ما يهمكم تحفظون.
[وأما تقديمه]
(وأما تقديمه) أي: تقديم المسند إليه على غيره من أجزاء الكلام فيشتمل تقديم الفاعل على المفعول، والتعميم أولى من تقدير على المسند موافقا للمفتاح لجريان أكثر النكات فبينه وبين قوله في أحوال متعلقات الفعل وتقديم بعض معمولاته على بعض ... إلخ عموم من وجه ففي ترك المصنف قول المفتاح على المسند تكثير المعنى بإيجاز اللفظ فتقدير الشارح على المسند تفويت لما قصده المصنف، والتقديم يقتضي وجوده لا على صفة التقديم، وذلك بأن يكون حقه المقام المتأخر إما على الصفة التي هي الآن عليه كتقديم المفعول على الفاعل فإن حق المفعول المقام المتأخر، وإما على صفة أخرى لو وجد متأخرا كان على هذه الصفة كما في تقديم المسند إليه بجعله مبتدأ ولو جعلته فاعلا حقه المقام المتأخر والأشبه بإطلاق التقديم هو القسم الأول؛ لأنه يتوهم في شأنه أنه إذا كان متأخرا غير إلى التقديم لكون حقه أن يكون متأخرا والقسم الثاني إنما يسمى تقديما؛ لأنه أوجد مقدما لا لأنه غير من التأخير إلى التقديم، كما أن ذكر المسند إليه الذي ليس حقه التأخير باعتبار نحو زيد إنسان مقدما يسمى تقديما بهذا المعنى، ولهذا قال صاحب الكشاف: إن التقديم إنما يوصف به المزال لا القار في مكانه مع أنه كثر منه إطلاق التقديم على القار ونظيره «صغر» فإن صغر الجسم معناه جعل الكبير صغيرا، وقولهم: صغر الله جسم البعوضة معناه أوجده صغيرا وضعوا الإمكان موضع الفعل فكما أن الصغير الثاني مجاز في اللغة كذلك التقديم مجاز في عرف أرباب الفن في غير الأول، وتقديم المسند إليه مطلقا من القسم المجازي كما أن تقديم المفعول على الفاعل أو على الفعل من القسم الحقيقي، فإما أن يراد بالتقديم في عباراتهم ما يشمل التقديم الحقيقي والمجازي مطلقا ليكون استعمال التقديم على نحو واحد، وأما أن يستعمل فيما يقتصر على المجاز في المعنى المجازي