للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وترى الطّير على آثارنا ... رأى عين ثقة أن ستمار (١)

وقول أبى تمام (٢) [من الطويل]:

وقد ظلّلت عقبان أعلامه ضحى ... بعقبان طير فى الدّماء نواهل

أقامت مع الرّايات حتّى كأنّها ... من الجيش إلّا أنّها لم تقاتل

فإنّ أبا تمّام لم يلمّ بشيء من معنى قول الأفوه: «رأى عين»، وقوله: «ثقة أن ستمار»، ولكن زاد عليه بقوله: «إلا أنها لم تقاتل»، وبقوله: «فى الدماء نواهل»، وبإقامتها مع الرايات، حتى كأنها من الجيش، وبها يتمّ حسن الأول.

وأكثر هذه الأنواع ونحوها مقبولة، بل منها ما يخرجه حسن التصرّف من قبيل الاتّباع إلى حيّز الابتداع، وكلّما كان أشدّ خفاء كان أقرب إلى القبول.

(٢/ ٥٠٧) هذا كلّه إذا علم أن الثانى أخذ من الأوّل؛ لجواز أن يكون الاتفاق من قبيل توارد الخواطر، أى: مجيئه على سبيل الاتفاق من غير قصد للأخذ.

فإذا لم يعلم، قيل: قال فلان كذا، وسبقه إليه فلان، فقال كذا.

(٢/ ٥٠٨) وما يتصل بهذا: القول فى الاقتباس، والتضمين، والعقد، والحلّ، والتلميح.

[الاقتباس]

(٢/ ٥٠٨) أما الاقتباس: فهو أن يضمّن الكلام شيئا من القرآن أو الحديث، لا على أنه منه؛ كقول الحريرىّ: «فلم يكن إلّا (كلمح البصر أو هو أقرب) (٣)، حتى أنشد فأغرب»، وقول الآخر [من السريع]:

إن كنت أزمعت على هجرنا ... من غير ما جرم فصبر جميل (٤)


(١) الأفوه: هو صلاءة بن عمرو، فى ديوانه ص ١٣٠، والإشارات ص ٣١٤. وستمار: ستطعم.
(٢) البيتان لأبى تمام فى قصيدة يمدح فيها المعتصم، ديوانه ٣/ ٨٢، والإشارات ص ٣١٤.
(٣) اقتباس من النحل: ٧٧.
(٤) اقتباس من يوسف: ١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>