أي: هذا باب الإنشاء، وقوله: إن كان ابتداء الكلام كما لا يخفى على ذوي الأفهام وقد سبق في أول الفن بيان أن الإنشاء كالخبر والتمني في قوله وأنواعه كثيرة منها التمني بمعنى كلام يدل على التمني فقوله: واللفظ الموضوع له (ليت) ضميره راجع إلى التمني بمعنى الحالة التي تحدث بهذا الكلام أو المراد اللفظ الموضوع لتحصيل هذا الكلام على أن اللام للغرض وعلى هذا القياس غير التمني وقد يقال: الإنشاء بمعنى إلقاء الكلام الخبري كالإخبار، وهو بمعزل عن هذا المقام وإن ظن الشارح أنه المرام وكيف لا وقد عرف من أول الفن الأول أن الإنشاء الذي اعتبر في التبويب هو قسم الكلام، والتمني والاستفهام مثلا لم يأت بمعنى إلقاء الكلام المفيد للتمني مثلا حتى يجعل الإنشاء بهذا المعنى منقسما إليها وما دعا الشارح إليه من تصحيح مثل قوله:«واللفظ الموضوع له ليت» لم يدعه بحق فإن إلقاء كلام للتمني ليس الموضوع له ليت كما أن نفس الكلام ليس كذلك (إن كان طلبا) جعل الطلب كالخبر اسما للكلام (استدعى مطلوبا غير حاصل وقت الطلب) لم يقل وقته لأن الطلب السابق بمعنى الكلام، وهذا الطلب بمعنى آخر وهو محبة حصول الشىء على وجه يقتضي السعي في تحصيله لولا مانع من الاستحالة أو البعد كما في التمني، وذلك الاستدعاء لأنه لا معنى لطلب الحاصل وقت الطلب سواء كان تمنيا أو غيره ففي غير التمني يجب أن يكون حصوله بعد الطلب وأما في التمني فقد يكون حصوله قبل الطلب كما في قولك: ليت زيدا لم يخرج أو لم يمت فإن قلت: ربما يطلب شىء حاصل وقت الطلب لعدم العلم بحصوله فالصحيح أن يقال: استدعى مطلوبا غير معلوم الحصول وقت الطلب قلت: المراد استدعاء صحة الطلب لا استدعاء نفسه أو المراد عدم الحصول في زعم المتكلم فإذا لم يوجد شرط الطلب أو صحته يحمل كلام من يوثق به على معنى مناسب لذلك الطلب، واعلم أن لقوله:«استدعى مطلوبا» احتمالين أحدهما، وهو الأظهر، أنه يتوقف على عدم حصول المطلوب وثانيهما أنه يطلب من المطلوب منه مطلوبا غير حاصل وقت الطلب ولم يذكر بقوله إن كان طلبا ما هو قسيمه لأن المقصود بالنظر هو الطلب لكثرة مباحثه ووفور دقائقه وأصالته بخلاف