بل أوجب لشىء منه (جاء القصر) ضرورة بقاء ما عدا ذلك على ما كان عليه من تعلق النفي به (وفي إنما يؤخر المقصور عليه) بقول: إنما ضرب زيد عمرا، لو قال: زيدا لاستغنى عن قوله.
(ولا يجوز تقديمه على غيره) إما من التجويز وهو الأنسب بقوله يؤخر، وإما من الجواز (للالتباس) أي: لالتباس المقصور عليه بغيره مع لزوم القصر قبل التمام، فإن قلت: مع تقديم المقصور ينعكس المعنى، والالتباس إبهام المقصود لا تعين غير المقصود قلت: لو سلم فالمراد أنه لو جاز تقديم المقصور لزم الالتباس وتعين غير المقصور بعد إيجاب تأخير المقصور عليه، وفيه أنه في صورة جمع لا مع إنما لا التباس مع التقديم، فلو قيل إنما ضرب عمرا زيد لا بكر ألم يلتبس؟ قال الشارح المحقق: وهاهنا نظر لوجود تقديم المقصور مع إنما كما في قولنا إنما زيدا ضربت فإنه لقصر الضرب على زيد كما قال أبو الطيب:
أسناه لم تزده معرفة ... وإنّما لذّة ذكرناها
أي: ما ذكرناها إلا للذة ويمكن الجواب يمنع أن إنما هنا للقصر إنما القصر للتقديم هذا وفيه أن في الحكم بأن إنما في هذا التركيب لا قصر منه وفي إنما جاءني زيد إلا عمرو للقصر تحكما (وغير كإلا في إفادة القصرين) أي: قصر الصفة على الموصوف وقصر الموصوف على الصفة بأقسامهما ولك أن تريد بالقصرين القصر بين المبتدأ والخبر والقصر بين غيرهما وهو أقرب (وفي امتناع مجامعة لا) قد تبع المفتاح في تخصيص وجه الشبه، والأولى الاقتصار على قوله:«وغير كإلا» إذ فيه تكثير المعنى بتقليل اللفظ؛ لأنه يفيد المشاركة في جميع الأحكام.
ألا إلهي منك الإيجاد والإنشاء، وأنت الذي تفعل ما يشاء، لا نبتهل ولا نلتجئ إلا إليك، ولا نتمنى النداء برفع الحاجة إلا بين يديك، أنت المستغني في معرفة افتقارنا عن الاستفهام، وأنت المنزه عن أن يكون شىء منك في خبر الإبهام، ألهمنا بخير أمورنا، وأنعم علينا بشرح صدورنا، ووفقنا بالاجتناب عن المناهي، وارزقنا بمعرفتك معرفة حقائق الأشياء كما هي، يا كريم أنت الذي لا يخيب راجيا، ولا يحرم فضله مناديا ولا مناجيا.