في تعيين المصطلح، فرأينا أن المعرض عنها قد أفلح، فطويناها على غرها لنعصمك عن ضرها.
[وقد ينزل العالم بهما منزلة الجاهل]
(وقد ينزل العالم بهما منزلة الجاهل) أي ينزل العالم بالفائدة منزلة الجاهل بها (لعدم جريه على موجب العلم) بالفائدة، والعالم باللازم منزلة الجاهل لعدم جريه على موجب العلم باللازم مثال المخاطب العالم بالفائدة. قولك للعالم بوجوب الصلاة التارك لها: الصلاة واجبة، ومثال المخاطب العالم باللازم نحو: ضربت زيدا، لمن يعلم أنك تعرف أنه ضرب زيدا، لكن يناجي غيره عندك بضربه، كأنه يخفى منك، فالمراد بالجاهل الجاهل بهما، لا الجاهل بالفائدة، لأن العالم بلازم الفائدة إذا لم يجر على موجب العلم به ينزل منزلة الجاهل به، ولا محل لتنزيله منزلة الجاهل بالفائدة. وقد ذكر السيد السند أن تنزيل المفتاح العالم بالفائدة ولازمها منزلة الخالي عنهما للمبالغة وإلا فتنزيله منزلة الجاهل بالفائدة يكفي في إلقاء الكلام عليه، وبما حققناه لك ظهر أثر إهمال النظر فيما ذكر.
وكما يكون التنزيل لعدم الجري على موجب العلم يكون للجري على موجب الجهل، وبينهما فرق؛ فلا تخلط. ويتجه عليه أن هذا من باب إخراج الكلام على خلاف مقتضى الظاهر، فينبغي أن يذكر بعد قوله: وكثيرا ما يخرج الكلام على خلافه، ويجمع مع خلاف مقتضى الظاهر كما في المفتاح، ويمكن أن يجاب عنه بأنه قدم على قوله: وكثيرا ما لدفع ما يتجه على الحصر من أنه قد يكون قصد المخبر غيرهما، فإنه قد يلقيه على العالم بهما، فحينئذ ينبغي أن يجعل الجاهل متناولا للخالي والسائل والمنكر، ليتم الدفع، ولا يخص بالخالي عن النسبة مطلقا، كما فعله السيد السند بناء على أن تنزيل العالم منزلة المنكر داخل تحت قوله: وغير المنكر كالمنكر، وأن يؤيده أنه مثل لتنزيل غير المنكر منزلة المنكر، بما هو تنزيل العالم منزلة المنكر، على أن دخوله فيما سيأتي لبيان وقت تنزيله منزلة المنكر، فلا يوجب التكرار، وإن في هذا التعميم إغناء عما احتاج إليه من حوالة تنزيل العالم منزلة السائل بالمقايسة.
واعلم أن لتنزيل العالم بهما منزلة الجاهل نتائج منها: إلقاء الخبر إلى العالم، ومنها سلب العلم عن العالم بالخبر، كما في قوله تعالى: وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَراهُ