ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ وَلَبِئْسَ ما شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ (١) فإنه أثبت لهم العلم بفائدة من اشتراه ما له في الآخرة من نصيب، ونفى عنهم العلم بها بقوله (لو كانوا يعلمون) أي لو كانوا يعلمون أنه ما لهم في الآخرة من خلاق لما شروه به، فنفى عنهم العلم بعد إثباته لتنزيله منزلة الجهل، فبطل ما ذكره المصنف من أن في كلام المفتاح إيهام أن الآية من أمثلة تنزيل العالم بفائدة الخبر ولازمها منزلة الجاهل بهما، وليست منها، بل هي من أمثلة تنزيل العالم بالشيء منزلة الجاهل لعدم جريه على موجب العلم، والفرق بينهما ظاهر؛ لأنه من أمثلة تنزيل العالم بفائدة الخبر منزلة الجاهل، لا للإلقاء إليه، بل لسلب العلم عنه صريحا، لا لما ذكره الشارح في شرح المفتاح من أنه لا إيهام مع قول المفتاح كيف يجد صدره يصف أهل الكتاب بالعلم على سبيل التوكيد القسمي، وآخره بنفيه عنهم، حيث لم يعملوا بعلمهم، ولو سلم فلا ضير في الإيهام بعد وضوح المرام، لأنك عرفت أنها لإثبات العلم بفائدة الخبر في صدرها، ونفيه في آخرها، فلا ينفي قول المفتاح هذا الإيهام، ولا يدفع ضره وضوح المرام، على أن للمصنف أن يقول: المقصود من هذا الكلام تنبيه القاصر، وحفظه عن التثبت على هذا الإيهام، وظهر ضعف ما ذكره الشارح ومن تبعه في دفعه من أن مراد المفتاح بالحوالة على كلام رب العزة توضيح تنزيل العالم بالشيء أعم من الفائدة وغيرها منزلة الجاهل.
وللآية الكريمة احتمال آخر يخلو فيه صدرها عن وصف أهل الكتاب بالعلم، وهو أن يكون (لقد علموا) دالا على الجزاء، ويكون اللام لام الابتداء، ويكون (لو كانوا يعلمون) لنفي كونهم من أهل العلم، فالحاصل: لو كانوا يعلمون لعلموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق، فليس في الآية إلا نفي العلم.
وفيه أيضا تنزيل العالم بالفائدة منزلة الجاهل؛ لأن أهل الكتاب عالمون بأن اختيار السحر والشعوذة على كتاب الله بهذه المثابة، لكن دخول لام الابتداء على الجملة الفعلية مختلف فيه.
والجمهور على أن الداخلة على الفعلية في غير باب إن محمولة على تقدير