للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي احذر ([من بطشي]) أي أخذي الشديد [وفتكي] (١) أي قتلي بغتة، والقول بملء الفم القول الصريح الظاهر، أي تقول بموت المرثي، ذلك لأن موته يدل صريحا على أنه لا نجاة من بطشها، أو تقول بعد موت المرثي لأنه كان حاجزا لمفاسد الدنيا مصلحا لها.

[ثانيها: التخلص]

(وثانيها) أي ثاني المواضع الثلاثة التي ينبغي للمتكلم أن يتأنق فيها (التخلص) أي: وجدان الخلاص، يقال خلّصه تخليصا أعطاه الخلاص، ووضعوا لهذا العمل التخلص المبني على التكلف؛ لأنه يحتاج إلى مزيد تكلف ومقاساة تعب في تحصيله.

(مما شبب الكلام به) أي أوقد الكلام به إيقادا شديدا، حتى التهب، يقال شب النار توقدت، وشبت شببا: أوقدت، لازم ومتعد مما قبل المقصود من الشعر بمنزلة وقود يوقد به نار البيان ليقع المقصود في التهابه، أو أخذ هذا اللفظ من الشباب بالفتح بمعنى أول الشيء أي ابتدىء وافتتح به، أو من شب الشعر زاد في لونه وأظهر حسنه وجماله، فمعنى شبب الكلام به زين أو أظهر جماله به، فلا حاجة في حمل التشبيب على الافتتاح، إلى ما نقل الشارح عن الإمام الواحدي من أن التشبيب ذكر أيام الشباب واللهو والغزل، وذلك يكون في ابتداء قصائد الشعر، فسمي ابتداء كل أمر تشبيبا وإن لم يكن في ذكر الشباب.

(من نسيب) أي وصف للجمال (أو غيره) كالأدب والافتخار وغير ذلك (إلى المقصود) متعلق بالتخلص (مع رعاية الملائمة بينهما) أي بين ما شبب الكلام به، وبين المقصود واحترز به عن الاقتضاب وهو ارتجال المقصود من غير تمهيد مقدمة من المتكلم، وتوقع من المخاطب. في «الصحاح»: الاقتضاب:

الاقتطاع، واقتضاب الكلام ارتجاله.

واعلم أن التخلص في العرف تخصيص بالانتقال ما شبب به الكلام إلى المقصود مع رعاية الملائمة بينهما، على ما صرح به في الإيضاح، فالأولى أن يقال:

وثانيها التخلص أي الانتقال مما شبب إلخ، ليعلم الناشئ الاصطلاح، ولا يظن


(١) البيت في الإيضاح: ٣٧١ لأبي الفرج الساوي. هي: ضمير الشأن أي الحال والقصة. تقول بملء فيها:
تقول مجاهرة رافعة صوتها وطريقة الكناية حيث الدنيا لا تقول.

<<  <  ج: ص:  >  >>