لاستقام الوزن، ولم يكن حذف الضمير، ونظير اعتراضنا اعتراض ابن الحاجب عليه، بأنه لا يصح نصب كلهن؛ لأنه لا يلي العامل اللفظي، بل يجب إما كونه مبتدأ أو تأكيدا، ولا يخفى أن اعتراض ابن الحاجب لا يتوجه على سيبويه، إذ لو لم يجز حذف الضمير في السعة لم يكن وجه الاختيار الرفع على نصب كلهن مع سلامته عن الحذف، واستوائهما في عدم الجواز على النزاع بين ابن الحاجب وسيبويه يؤول إلى النزاع في صحة كون الكل المضاف إلى الضمير معمولا للعوامل اللفظية أصالة، وقد صرح المغني بثبوته على قلة، ولا أظن بك أن لا تتذكر هنا ما قدمناه لك أن مراد الشيخ: أن التقديم على النفي يفيد العموم إذا خلى، وطبعه كإفادة الوقوع في حيز النفي رفع العموم كذلك، ولا ينافي ذلك تخلف الإفادة لعارض، فلا يذهب عليك أن إثبات الحديث والشعر تلك الدعوى دونه خرط القتاد.
[وأما تأخيره فلاقتضاء المقام]
(وأما تأخيره فلاقتضاء المقام تقديم المسند) يعني: أن تأخيره ليس من مقتضيات الأحوال، وإنما هو من ضرورات مقتضى الحال، فلذا لا يبحث عنه، وبما ذكرنا اندفع ما يتجه عليه أن التأخير ليس مقتضى الحال فلا معنى للبحث عنه، وإنما يتجه لو كان مقصوده: أن تأخيره مقتضى أحوال تبين في تقديم المسند وستعرفها، وليس كذلك، ولذا لم يعد مجيئها، لا في هذا الكتاب، ولا في الإيضاح، وقد يعد الشارح حيث ظن أن المقصود ذاك، فقال: وسيجيء بيانه، ومما يقتضي تأخيره اقتضاء المقام تقديم متعلق المسند، نحو: على الله عبده متوكل. فتأمل (هذا كله) قد نبه بإيراد كله تأكيدا أو مبتدأ على أن المشار إليه متعدد، واختار هذا مع أن الشائع في التعبير عن المتعدد المذكور ذلك رعاية؛ لكون مقتضى الظاهر قريبا، بخلاف مقتضى الظاهر، ويريد أن كلا من الإضمار والنظائر إلى هنا (مقتضى) الحال (الظاهر) ولقد أعجب حيث صدر بحث خلاف مقتضى الظاهر، بما هو خلاف مقتضى الظاهر من وجوه: حيث وضع اسم الإشارة موضع الضمير، والمفرد موضع الجمع تنبيها على أنه جعلها بحسن البيان، ولطف المدح واحدا، وبنهاية الإيضاح كالمحسوس، ولك أن تجعل هذا فصل الخطاب، أي: خذ هذا وما بعده كلاما لمبتدأ، ولقد نبهناك على ما خلط بالمباحث من خلاف مقتضى