للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

برفع كله، لئلا يكون معموله للفعل المنفي، ويفيد عموم النفي إذ المعنى على:

أني لم أفعل شيئا من الذنوب، لا أني لم أصنع جميعها قال المصنف: المعتمد في إثبات المطلوب الحديث وشعر أبي النجم، أما الاحتجاج بالحديث، فمن وجهين:

أحدهما: أن السؤال بأم عن أحد الأمرين لطلب التعيين بعد ثبوت أحدهما على الإبهام، فجوابه: إما بالتعيين، أو بنفي كل منهما، وثانيهما: ما روى أنه لما قال صلّى الله عليه وسلّم كل ذلك لم يكن، قال ذو اليدين: بعض ذلك قد كان، والإيجاب الجزئي نقيضه السلب الكلي هذا، وما في المصابيح: قد كان بعض ذلك، فأقبل على الناس، فقال: أصدق ذو اليدين؟ قالوا: نعم، فيقدم، فصلى، والذي أرى أنه: يصح الجواب بإثبات كل منهما أيضا، لأن الجواب ينفي كل منهما تخطئة في اعتقاد ثبوت أحدهما، وليشاركه الجواب بإثبات كل منهما في التخطئة في هذا الاعتقاد، وهذا كلام وقع في البين، فلنرجع إلى ما كنا فيه، ثم قال: وبقول أبي النجم يعني: وأما الاحتجاج بقوله؛ ما أشار إليه الشيخ عبد القاهر، وهو أن الشاعر فصيح، والفصيح السابع في مثل قوله: نصب كل، وليس فيه ما يكسر به وزنا، وسياق كلامه أنه لم يأت بشيء مما ادعت عليه هذه المرأة، فلو كان النصب مفيدا لذلك، والرفع غير مفيد لم يعدل عن النصب إلى الرفع من غير ضرورة، هذا وفيه بحث؛ لأنه إن أراد بالمطلوب عدم إفادة الداخل في حيز النفي العموم، وإفادة غير الداخل، فالحديث لا نفي في إثباته، على أن نظم دليله، لا يبطل كون كليهما مفيدا، وإن أراد الثانية فقط؛ لكفاه أن يقول: فلو لم يكن الرفع مفيدا لذلك لم يرفعه، ولا دخل لحديث النصب فيما هو بصدده، واعترض الشارح المحقق عليه بما توجيهه منع الشرطية القائلة، فلو كان النصب إلى آخر بسند أنه لا مجال هنا للنصب إذ الكل المضاف إلى الضمير لا يعدو التأكيد إلى غير المبتدأ وقال نظير هذا الاستدلال استدلال سيبويه على أن حذف الضمير المنصوب عن خبر الجملة للمبتدأ جائز في السعة بقول الشاعر:

[ثلاث كلّهنّ قتلت عمدا]

حيث حذف الضمير عن خبر المبتدأ، مع أنه لا ضرورة؛ إذ لو نصبت كلهن


- يراد أن بعضا كان وبعضا لم يكن». راجع دلائل الإعجاز (٢٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>