وأن يراد كل معتصم بالله، باستعمال النكرة في العموم على قلة، فيكون موصوفا بما بعده من الأوصاف [(منتقم لله مرتغب في الله مرتقب)] (١) أي منتظر ثوابه، فقوله تدبير: مبتدأ، خبره في البيت الثالث:
لم يرم قوما ولم ينهد إلى بلد ... إلا تقدّمه جيش من الرّعب
ومن السجع على هذا القول أيضا ما يسمى التصريع: وهو جعل البيت بتمامه سجعه فيكون كل مصراع قرينة، وفسر بجعل العروض وهو آخر المصراع الأول مقفاة تقفية الضرب، وهو آخر المصراع الثاني، وكأنه لم يتعرض له المصنف هنا، وخص التعرض بالتشطير؛ لأن ظاهر تعريف السجع لا يوجب اختصاصه بالقول بجريان السجع في النظم، فاحتاج إلى التنبيه على الاختصاص، وعلى عدم الوثوق بظاهر التعريف، بخلاف التصريع فإنه ظاهر الاختصاص، وذكر الشارح المحقق للتصريع تقسيما وتفصيلا حسبته في هذا الباب تطويلا، وتركه توجيها وتحصيلا.
[ومنه الموازنة]
(ومنه: الموازنة وهو تساوي الفاصلتين) أي الكلمتين الأخيرتين من الفقرتين أو المصراعين (في الوزن دون التقفية) حتى لو تساويا في التقفية أيضا؛ لخرجتا عن الموازنة إلى السجع، فبينهما تباين، ولا يلتفت إلى جعل دون التقفية بمعنى نفي اشتراط التساوي في التقفية أيضا؛ لأنه خلاف الظاهر، ولا يلتفت إليه، سيما في مقام التعريف ما لم يدع إليه داع. قال ابن الأثير في المثل السائر:
إنها تساوي الفاصلتين في الوزن، لا في الحرف، أيضا كما في السجع، فكل سجع موازنة، وليس كل موازنة سجعا، فعلى هذا يكون الموازنة أعم.
هذا على ما نقل الشارح المحقق كلامه في الشرح، لكن ذكر في بعض نسخ المختصر أنه يشترط في السجع التساوي في الوزن دون الحرف الأخير، فنحو شديد وقريب من السجع، وهو أخص من الموازنة، وهذا مخالف لما في الشرح، ودعوى الأخصية غير ظاهرة، وفي بعضه فنحو شديد وقريب من الموازنة، دون السجع، فهو أخص من الموازنة، من وجه، وهو أيضا ظاهر الفساد، لأنه إذا لم
(١) البيت والذي بعده لأبي تمام في ديوانه: ١٦، في مدح الخليفة المعتصم بعد فتح عمورية من بلاد الروم، وانظر البيت في الإيضاح: ٣٤٣، والمصباح: ١٦٨. ومعتصم: اسم الخليفة المعتصم. مرتغب: راغب.