للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا معنى واحدا، ولم يقل مفرد فصيح أو كلام فصيح ليعم إذ لا بد من العموم، أو المراد بالمقصود كل مقصود فلو خص الفصيح بالمفرد لوجب في الفصاحة ملكة الاقتدار على التعبير عن كل مقصود، كلامي المفرد بالمفرد، وهو محال، ولو خص بالكلام لوجب فيها ملكة الاقتدار على التعبير عن مقصود مفرد بكلام، وهو محال، ولا يخفى أن عموم المفرد والمركب موقوف على تكلف استعمال الفصيح في معنييه، كما جوزه البعض، أو استعمال ما يطلق عليه الفصيح، ويقال له عموم الاشتراك، وبعد في وصف لفظ به خفاء أما على الأول؛ فلأنه يصير المآل بلفظ موصوف بمعنيي الفصيح، وهو باطل؛ والصحيح بلفظ موصوف بأحد معنى الفصيح، وهو لا يستفاد من استعمال الفصيح في معنييه، وأما على الثاني فلأنه يصير المآل بلفظ هو ما يطلق عليه الفصيح، ولا يخفى أن اللفظ ليس ما يطلق عليه الفصيح، بل مفهوم يصدق على اللفظ، ووجوب عموم المعبر به المفرد والمركب، كما يقتضي أن يقال بلفظ فصيح دون مفرد، أو كلام فصيح يقتضي أن يقال بلفظ فصيح دون لفظ بليغ، إذ البليغ لا يعم المفرد، نعم عدم وجوب ملكة الاقتدار على البلاغة في الفصاحة أيضا يقتضي أن لا يقال بلفظ بليغ.

فقول الشارح: وقول بعضهم ولأن يعم المفرد والمركب، قال بلفظ فصيح دون كلام فصيح، أو لفظ بليغ- سهو ظاهر، لا يقال يصدق التعريف على الحياة والإدراك ونحوهما مما يتوقف عليه الاقتدار المذكور، لأنا نقول ليس شيء منها سببا بل شرطا، أو ليس سببا قريبا بل بعيدا، والباء ظاهر في السبب القريب.

[والبلاغة في الكلام]

(والبلاغة (١) في الكلام مطابقته) أي مطابقة صفته (لمقتضى الحال) فإن مقتضى الحال خصوصيات، وصفات قائمة بالكلام، فالكلام لا يطابقه بل يشتمل عليه، والخصوصية من حيث إنها حال الكلام ومرتبطة به مطابق لها من حيث إنها مقتضى الحال، فالمطابق والمطابق متغايران اعتبارا على نحو مطابقة نسبة الكلام للواقع، وعلى هذا النحو قول المصنف في تعريف المعاني: علم يعرف به أحوال اللفظ العربي التي بها يطابق اللفظ مقتضى الحال أي يطابق صفة اللفظ مقتضى الحال، هذا هو المطابق لعبارات القوم، حيث يجعلون الحذف والذكر


(١) انظر المفتاح بتحقيقنا ص ٥٢٦، الصناعتين ص ١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>