بلفظ لفظ من دواخلها؛ لأنها إذا كانت ملكة التعبير عن كل مقصود بلفظ فصيح كانت عند التحقيق ملكات يقتدر بكل واحدة على تعبير لم يبعد. ومن جعل مقصوده هذا لم يلتفت إلى عبارته أدنى التفات، وإلا لم يخف عليه أنه لا يساعده أصلا، ويمكن إتمام ما ذكره المصنف بأن قوله ملكة للإشعار بأن صفة يقتدر بها على التعبير عن كل مقصود بلفظ فصيح، من غير أن يصير ملكة ليست فصاحة، وهذه ملكة التعبير عن جميع المقاصد إلا قليلا، وصفة يعبر بها عن القليل بلفظ فصيح من غير رسوخها، فإن مجموع تلك الملكة وهذه الصفة صفة غير راسخة يقتدر بها على التعبير عن المقصود كله بلفظ فصيح.
وقال:(وقيل يقتدر بها) ولم يقل: يعبر بها ليشمل حالتي النطق وعدمه، ويتجه عليه أن الملكة حال السكوت متصفة بأنها يعبر بها عن المقصود في الجملة، ودفعه الشارح المحقق بأن المراد بحال النطق في الجملة بأن ينطق صاحبها في زمان من الأزمنة، وبعدم النطق عدمه أصلا بأن لا ينطق قط، ولو قيل يعبر لخص بمن ينطق بمقصود في الجملة، ووصى بالمحافظة على هذا المعنى قائلا: هكذا يجب أن يفهم هذا المقام، وفيه أن فائدة قيد الاقتدار حينئذ عدم خروج ما لا يكاد يوجد، فتقول: المراد أن درج الاقتدار ليشمل حالة النطق بكل مقصود، بلفظ فصيح، وحالة عدم النطق بكل مقصود، بأن ينطق ببعض المقاصد، والبعض بعد لم يرد، أو ورد وبدا له أن ينطق به، فلو قيل: ملكة يعبر بها عن كل مقصود بلفظ فصيح لاختص الفصاحة بمن بلغ نهاية أمر النطق، ولم يكن مقصود يرد عليه إلا وقد ورد عليه، وعبر عنه بلفظ فصيح، هكذا يجب أن يفهم هذا المقام، ويصادر شار والمرام بعون الله الملك العلام، وإلا وجه أنه لو قال ملكة يعبر بها لصدق على القدرة الراسخة الحاصلة بتلك الملكة، بل لا يصدق إلا عليها، إذ المتبادر من السبب هو الأقرب.
(على التعبير عن المقصود) أي كل ما يعلق به قصد إفادته بلفظ فصيح.
قال المصنف: قيل (بلفظ فصيح) ليعم المفرد والمركب، هذا يريد أنه لم يقل بفصيح مع أنه أخصر؛ ليعم المفرد والمركب عموما بينا، ولا يحمله السامع على المفرد الفصيح أو الكلام الفصيح، بناء على قضية اللفظ المشترك، فإنه لا يراد به