للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمنها ما يتذكّر بأدنى توجه، ومنها ما يتذكّر بعد توجه تام، وفيه منع لجواز استناد الاختلاف إلى الاختلاف في الذكاء والغباوة، ويدفعه ظهور اختلاف الأذكياء والأغبياء في ذلك، من غير تفاوت الذكاء والغباوة.

(ولصاحب علم المعاني) (١) الأحسن أن يجعل تحت التعليل أي:

لاختلاف أسبابه يكون لصاحب علم المعاني، أي: لصاحب مباحث الفصل والوصل، والتعبير عنه بعلم المعاني تلويح إلى ما اشتهر فيما بينهم من دعوى حصر البلاغة في الفصل والوصل كما سمعت، ولا يليق بك أن تظن إن كان اللائق ولطالب علم المعاني (فضل احتياج إلى معرفة الجامع) فيقع في الاعتذار بأن العدول إلى الصاحب للتفاؤل للطالب؛ لأن المراد بالجامع جزئياته الواقعة في التراكيب في مقام رعاية الفصل والوصل يرشدك إليه المعرفة فلا تجهل (لا سيما الخيالي فإن جمعه على مجرى الإلف والعادة).

ولا يخفى أن الناس فيهما على أنحاء شتى لا يكاد يحيط بها الجهد والطاقة، والشارح المحقق حمل علم المعاني على حقيقته فاحتاج في إثبات الدعوى إلى دعوى أن أعظم أبوابه الفصل والوصل، وهو مبني على الجامع، وفي الدعوى خفاء لا يدفعه إلا أنه ادّعاء.

[محسنات الوصل]

(ومن محسنات الوصل) (٢) فيه إشعار بأن للعطف غير ما ذكر من المحسنات أيضا.

قال الشارح: ومن محسنات الوصل بعد تحقق المجوزات.

قلت: الظاهر أنه من المحسنات بالحسن الذاتي الداخل في البلاغة؛ حيث ذكر في المعاني دون البديع فهو أيضا من المجوزات التي لا بد للبليغ منه (تناسب الجملتين في الاسمية والفعلية) لم يقل اسمية الجملتين وفعليتهما مع أنه أخصر


(١) هذا أيضا من كلام السكاكي.
(٢) حسن الوصل في ذلك لا ينافي أنه واجب بلاغة عند اقتضاء الحال له، فإنه إذا كان المقام للثبوت في الجملتين وجب تناسبهما في الاسمية، وإذا كان للتجدد وجب تناسبهما في الفعلية؛ لأن ما يجب بلاغة يستند أكثره إلى التحسين، ولهذا كان كل ما وجب لغة وجب بلاغة من غير عكس، وقيل: إن ذلك من الحسن البديعي؛ لأن محله عند قصد النسبة في الجملتين من ضمن أي خصوصية كانت، فيكون التناسب جائزا لا واجبا.

<<  <  ج: ص:  >  >>