للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا وأقول: إنما اعتبره الشارح قيد غاية الخلاف ليخرج لوني بياض وصفرة عن حد التضاد، ويصح جعلهما من شبه التماثل دون التضاد كما جعله المصنف إلا أن يقال: قد يكون للضدين شبه تماثل، فلونا بياض وصفرة من الوهمي من جهتين (فإن الوهم ينزلهما منزلة التضايف) قال الشارح المحقق: فإنه لا ينحصر أحد الشبيهين أو التضادين إلا وينحصر الآخر.

هذا وفيه أنه إذا كان الأمر كذلك كان التضاد وشبهه جامعا من غير حاجة إلى تنزيل الوهم إياه منزلة المتضايفين (ولذلك تجد الضد أقرب خطورا بالبال مع الضد منه) من غير الضد، فخطور السواد مع البياض أقرب من حضوره مع الحلاوة.

وهاهنا نظر، وهو أنه إذا علل تنزيل الوهم إياه منزلة التضايف بأنه يخطر بالبال الضد مع الضد كالمضايف مع المضايف لا يصح تعليل كونه أقرب خطورا بالبال مع الضد بتنزيل الوهم إياه منزلة التضايف، وكأن الوجه في خطور الضد مع الضد أن العقل يتوجه حين تصور الضد إلى تمييزه وتعيينه، وأول ما يتميز عنه هو الضد الآخر؛ لأن التمييز عنه أكمل.

اعلم أن التضايف مشتمل على تقابل فلو جمعهما المتخيلة باعتبار التقابل؛ فالجامع وهمي ولو جمعهما باعتبار التضايف فالجامع عقلي.

(أو خيالي) (١) عطف على عقلي أو وهمي (بأن يكون بين تصوريهما) الصواب بينهما (تقارن في الخيال سابق) (٢) على العطف؛ إذ لا يكفي مطلق التقارن، وإلا فالعطف لا ينفك عن التقارن، والمراد خيال المخاطب وليس التقارن بأن يكونا ثابتين في الخيال؛ إذ الصور المتقارنة والمتباعدة كلها ثابتة في الخيال معا، والخيال خزانتها. بل المراد تقارنهما عند التذكر والإحضار.

(وأسبابه مختلفة) متكثرة جدّا؛ (ولذلك اختلفت الصور الثابتة في الخيالات ترتبا) بمعنى أنه يترتب صورة على صورة بسرعة أو ببطء، الأولى اجتماعا ليشمل الصورتين الحاضرتين معا لكمال تقارنهما من غير ترتب (ووضوحا)


(١) ضابطه أن يكون الجمع بين الشيئين فيه اعتباريا مسندا إلى إحدى الحواس الظاهرة.
(٢) أي على الوصل، فيأتي الوصل باعتباره.

<<  <  ج: ص:  >  >>