السببية فيصير اللفظ فصيحا، فإن الألفاظ تتفاوت باختلافات المقامات، كما سيجيء في الخاتمة، ولفظ ضِيزى ودُسُرٍ كذلك، هذا وفيه أنه يلزم حينئذ أن لا يكون التعريف للفصاحة جامعا لخروج فصيح غير خالص عن أسباب الإخلال مع وجوب ما يمنعها عن السببية، إلا أن يبالغ في التكلف، ويقال المراد بالخلوص أعم من الخلوص حقيقة، أو حكما، فإن المشتمل على مسبب الخلل مع مانع السببية في حكم الخالص.
[وفي الكلام خلوصه]
واعلم أن الوجوه المذكورة للنظر كلها راجعة إلى منع وجوب اشتراط الخلوص عن الكراهة في السمع بأسانيد مختلفة، فالمناقشة فيها مناقشة في السند الأخص عند التحقيق (و) الفصاحة (في الكلام خلوصه من ضعف التأليف وتنافر الكلمات) أي الكلمتين فصاعدا، وإلا لكان الكلام المشتمل على تنافر الكلمتين الخالص عن جميع ما ذكر مع فصاحة كلماته فصيحا لصدق تعريف الفصاحة على خلوصه، وليس إضافة الكلمات إلى الكلام معتبرة إذ المقصود تقييد التنافر بما يميزه عن تنافر الحروف والمعاني، وذا لا يستدعي إضافة الكلمات إلى الكلام، فافهم وحينئذ في إرجاع ضمير فصاحتها إليه إشكال؛ لأنه يصير المعنى مع فصاحة الكلمتين فصاعدا، فلا يستفاد اشتراط فصاحة جميع كلمات الكلام، وتقيد التنافر بالكلمات للاحتراز عن تنافر المعاني، فإنه لا يخل بالفصاحة، وعن تنافر الحروف لقصد درج الخلوص عنه في قوله: مع فصاحتها.
(والتعقيد مع فصاحتها) ظرف لغو للخلوص أي كون الكلام خالصا زمان فصاحتها، وجعله الشارح حالا من الضمير، وبالجملة احترز به عن خلوص زيد أجلل، وشعره مستشزر، وأنفه مسرج، فإنه ليس بفصاحة، ولهذا ليست فصيحات، فإن قيل لزيد أجلل خلوص مع فصاحة الكلمات لأنه حال قولك زيد أجل، له خلوص عن الأمور المذكورة، فله خلوص حال فصاحة كلماته، فلو كان الفصاحة الخلوص حال فصاحة الكلمات لكان زيد أجلل فصيحا! ! قلت:
ليس لزيد أجلل خلوص حال فصاحة الكلمات؛ لأنه ليس ذلك الخلوص مقارنا بتلك الفصاحة، فلو قيل زيد أجلل خالص حال فصاحة الكلمات لم يصدق، نعم إنه بحيث يخلص حال فصاحتها، وهذا كقولك: الكريم من يسخو حال