قوله: المجاز عديل بقوله التشبيه، بعد قوله: فانحصر في الثلاثة يعني انحصر المقصود من البيان في التشبيه والمجاز والكناية، فينبغي أن يقتصر على ذكر المجاز؛ لأنه المقصد الثاني من البيان، إلا أنه ذكر الحقيقة تنبيها على أن بحث المجاز يستتبع التعرض للحقيقة؛ لأنها ضد له، والأشياء إنما تتبين بأضدادها، فهذا اقتصار لقول المفتاح: الأصل الثاني من علم البيان في المجاز، ويتضمن التعرض للحقيقة.
هذا وقدم الحقيقة؛ لأن مدار الحقيقة، وهو الموضوع له أصل لما هو مدار المجاز أعني لازم الموضوع له، وسميت بالحقيقة المأخوذة إما من حقّ بمعنى ثبت، فيكون فعيلا بمعنى فاعل، أو من حقّ بمعنى علم، فيكون فعيلا بمعنى مفعول، والتاء على الوجهين للتأنيث عند صاحب المفتاح.
أما على الأول فظاهر؛ لأن فعيلا بمعنى فاعل يذكّر ويؤنث، سواء أجرى على موصوفه أولا نحو: رجل ظريف، وامرأة ظريفة. وأما على الثاني، فلأن الحقيقة تقدر منقولة من الوصف بمؤنث محذوف، وما يقال: إن فعيلا بمعنى مفعول يستوي فيه المؤنث والمذكر مخصوص بما إذا كان موصوفه مذكورا.
أما إذا كان محذوفا فيؤنث للمؤنث للالتباس، والتاء للنقل مطلقا عند الجمهور؛ لأن الوصف إذا نقل من الوصفية إلى الاسمية يلحق به التاء علامة للنقل، كما في الذبيحة.
وجعل الشارح توجيه «المفتاح» تكلفا مستغنى عنه بما ذكره الجمهور، ولعله تفصيل نظر المصنف عليه في الإيضاح.
وقال السيد: دعاه إليه أن الأصل في التاء التأنيث، ونحن نقول: الأصل في النقل النقل بالغلبة، فالظاهر أنه استعمل الحقيقة في الكلمة محذوفة الموصوف، حتى صارت اسما لها، وكذا التاء في الحقيقة التي هي صفة الإسناد لإطلاقها على النسبة، أو الجملة محذوفة الموصوف حتى صارت اسما لها، ولا يخفى أن الحقيقة