ونحن نقول: في لقيت من زيد أسدا تجريد أسد من زيد؛ لجعل زيد أسدا، وهذا الجعل يتضمن تشبيه زيد بالأسد، حتى صار أسدا بالغا غاية الجنس، حتى تجرد عنه أسد، لكن هذا التشبيه مكنون في الضمير خفي؛ لأن دعوى أسديته مفروغ عنها منزلة منزلة أمر متقرر، لا يشوبه شائبة خفاء، ولا يجعل السكاكي هذا من التشبيه المصطلح، وكذلك يتضمن التشبيه تجريد الأسد الحقيقي عنه؛ إذ لا يخفى أن المجرد عنه لا يكون إلا شبه أسد فينصرف الكلام إلى تجريد الشبه، فهو في إفادة التشبيه بحكم رد العقل إلى التشبيه بمنزلة حمل الأسد على المشبه، فهو الذي سماه السكاكي تشبيها.
ولا ينبغي أن ينازع فيه المصنف معه، وكيف لا وهو أيضا في تقدير المشبه والأداة كأنه قيل: لقيت من زيد رجلا كالأسد، ولا تفاوت في ذلك بينه وبين زيد أسد.