من هذه الجهة التي هي الأقوى من الجهة الأخرى التي بها أخرت الكناية عن المجاز المرسل، فتأمل.
وفيه بحث: أما أولا: فلأن عدم إرادة المفهوم الوضعي من قولنا: وجهه كالبدر، ليس بظاهر؛ لأن المراد وجهه كالبدر في جميع جهات الحسن، وهو لا يقصر في المدح عن قولنا: هو في غاية الحسن، ونهاية اللطافة.
وأما ثانيا: فلأن التشبيه إذا أريد به المبالغة في كمال الشيء أو أريد به أنه ممكن أو أنه على هذا المقدار من الوصف فإن لم يمنع مانع من إرادة المعنى الحقيقي، فهو داخل في الكناية، وإلا ففي المجاز المرسل، فبهذا الاعتبار لا يكون مقصدا رابعا.
[(التشبيه)]
أي: هذا باب يسمى بالتشبيه؛ فلذا قال: ثانيا (التشبيه) ولم يأت بالضمير لئلا يحوج إلى تكلف في المرجع، وقال الشارح: يريد بالتشبيه الأول التشبيه الاصطلاحي الذي يبتني عليه الاستعارة، وبالثاني ما هو أعم، أعني:
التشبيه اللغوي؛ فلذا لم يأت بالضمير لئلا يعود بظاهره إلى المذكور، وفيه أن الأول أعم من المبتنى عليه الاستعارة؛ لأن المبتنى عليه ما يكون وجه الشبه فيه أقوى، والمذكور في هذا البحث لا يقتصر عليه إلا أن يقال: المقصود بالبحث ما يبتنى عليه الاستعارة، وذكر الباقي متطفل.
وقال اللام في التشبيه الأول للعهد، وفي الثاني للجنس، وفيه أنه إذا أريد بالأول التشبيه الاصطلاحي أيضا فاللام فيه أيضا للجنس؛ لأن لام العهد إشارة إلى قسم من مفهوم اللفظ، ولم يرد هنا قسم منه، وجعل التشبيه بالمعنى اللغوي وصرفه إلى الاصطلاحي بلام العهد بعيد.
ويمكن أن يقال المراد التشبيه الاصطلاحي والتعريف إشارة إلى قسم منه، وهو ما يبتني عليه الاستعارة، وهو التشبيه الاصطلاحي الذي يكون المشبه به أقوى في وجه الشبه، لكن الظاهر من سوق الكلام أن المراد به ما قصد تعريفه