وإنما عرف مطلق التشبيه؛ لأنه جنس التشبيه الاصطلاحي؛ لأن كلمة ما في تعريف التشبيه الاصطلاحي عبارة عن التشبيه، وتضمن ظهور وجه المناسبة بين المعنى الاصطلاحي واللغوي، وتنبه على أن تعريف التشبيه الاصطلاحي بتشبيه لم يكن على وجه الاستعارة ... إلخ ليس تعريفا للشيء بنفسه، بل تعريفا للتشبيه الاصطلاحي بالتشبيه اللغوي.
(الدلالة) مصدر قولهم: دللت فلانا على كذا إذا هديته له، لا يقال تعريف الدلالة بالهداية تعريف المعرف؛ لأنهم عرفوا الهداية بالدلالة على ما يوصّل إلى المطلوب؛ لأنا نقول: ليس المقصود تعريف الدلالة، بل التنبيه على أن المراد به ليس الدلالة التي هي صفة اللفظ كما يتبادر في هذا المقام. فإن قلت: لم لم يحمل الدلالة على ما هو صفة اللفظ واللفظ أيضا يدل على مشاركة أمر لأمر كالمتكلم؟
قلت: في عرف القوم واللغة لا يسمى اللفظ بالمشبه على صيغة اسم الفاعل، وإنما يسمى به المتكلم (على مشاركة أمر لأمر آخر في معنى)(١) فالأمر الأول هو المشبه، والثاني هو المشبه به، والمعنى هو وجه التشبيه والدال والمشبه هو المتكلم في الشرح أن ظاهر هذا التفسير شامل نحو قاتل زيد عمرو أو جاءني زيد وعمرو، وما أشبه ذلك.
وقال السيد السند: إن المدلول المطابقي في هذه الأمثلة ثبوت المسند لكل من الأمرين، ويلزمه مشاركتهما في المسند، فالمتكلم إن قصد المعنى المطابقي فلم يدل على المشاركة؛ إذ المتبادر من إسناد الأفعال إلى ذوي الاختيار ما صدر بالقصد، وإن قصد المعنى الالتزامي فقد دلّ على المشاركة، فهو داخل في التشبيه، وما وقع في عبارة أئمة التصريف أن باب فاعل وتفاعل للمشاركة والتشارك فمسامحة، والمراد أنه يلزمهما ذلك فمنشأ الاعتراض إما ظاهر عبارة أئمة
(١) يرد على هذا أنه يشمل نحو: قاتل زيد عمرا، وجاءني زيد وعمرو، فالأحسن أن يقال في معناه لغة: إنه مصدر- شبهته بكذا- إذا جمعت بينهما بوصف جامع، وهذا لا يرد عليه ذلك؛ لأن الجمع فيه بصيغة المشاركة وواو العطف لا بذلك الوصف الجامع.