للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الهيئة من أنه يحصل للحروف باعتبار الحركة والسكون وتقديم البعض على بعض يوجب أن يكون ذكر هيأتها مغنية عن ذكر ترتيبها، وكأنه لم يلتفت إليه المصنف لما رأى من أنه يتجه عليه أنه يوجب أن لا يتحد هيئة ضرب، وربض، فجعل الترتيب خارجا عن مفهوم الهيئة، ولم يرض بالتعريف المشهور، ولو أريد بالهيئة ما يحصل للحرف باعتبار الحركة والسكون لا هيئة الكلمة كما هو المشهور لم يتجه شيء من المذكور، لكن يحتاج إلى حمل الهيئات على ما فوق الواحد لما مر.

(وترتيبها) أي تقديم بعض الحروف على بعض سواء كان وضع كل حرف في موضعه اللائق أو لا فتأمل؛ وإنما عدل عن تعريف المفتاح، وهو أن لا يتفاوت المتجانسان في التلفظ مع أنه أخصر للإشارة إلى تفصيل التشابه المعتبر في الجناس.

[فإن كانا من نوع واحد كاسمين سمي تماثلا]

قال المصنف: ووجه تحسينه أنه أفاده في صورة الإعادة (فإن كانا من نوع واحد) من أنواع الكلمة (كاسمين) أو فعلين أو حرفين (سمي تماثلا) الأظهر أن يسمى التجانس مماثلة وكل من المتجانسين مماثلا، وستعرف وجه العدول عنه.

قال الشارح: التسمية بطريق النقل من اصطلاح أهل الكلام، من أن التماثل الاتحاد في النوع. أقول هذا بعيد، والأظهر أنه من المماثلة بمعنى المشابهة، سمي التشابه الكامل بالمماثلة لكماله فكأنه بلغ في الكمال إلى حد قام به تماثل، كما يقال جل جلاله فافهم (نحو وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ ما لَبِثُوا غَيْرَ ساعَةٍ) وأقسام كل من الاسم والفعل والحرف أصناف لا أنواع، فيكون نحو قول الحريري:

وذي ذمام وفت بالعهد ذمّته ... ولا ذمام له في مذهب العرب

من الجناس المتماثل مع أن الذمام الأول مفرد بمعنى العهد، والثاني جمع ذمة بالفتح، وهي البئر القليلة الماء، والغريرية ضد، ولكل منهما وجه في البيت، فعل الأول معناه أنه ليس له آبار قليلة الماء في مسلك العرب، بل آباره كثيرة الماء، نفى بالسالكين، وعلى الثاني معناه أنه ليس له آبار كثيرة الماء في مسلك العرب، لأنها لا يدعها السالكون أن يكثر ماءها لقلته، التناول، فقول الشارح المحقق، والثاني جمع ذمة بالفتح، وهي البشر القليلة الماء، قصر النظر من غير

<<  <  ج: ص:  >  >>