للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكره في التحقيقية والمكني عنها. ويمكن دفعه بأن الاستعارة التخييلية صورة وهمية مخترعة اخترعها البليغ، وأضافها إلى المشبه مشابهة للازم المشبه به، وهو أمر مبطن غير مصرح به في الكلام، فلا يمكن بيان التفاوت فيه، وضبط درجات حسنه بتفاوت حسن التشبيه المعتبر فيه، فتأمل.

[فصل: قد يطلق المجاز على كلمة تغير حكم إعرابها]

(فصل: وقد يطلق المجاز) إما على سبيل الاشتراك أو التشابه (على كلمة تغير حكم إعرابها) الإضافة لأمية أي: حكم لإعرابها، لأنها إضافة العام إلى الخاص كشجر الأراك، فقول الشارح: «هي للبيان على نحو من النحو».

قال في المفتاح: يتغير إعرابها من نوع إلى نوع آخر (بحذف لفظ أو زيادة لفظ) خرج بهذا القيد لغير حكم إعراب «غير» في: جاءني القوم غير زيد، فإن حكم إعرابه كان الرفع على الوصفية، فتغير إلى النصب على الاستثناء، لكن لا يحذف لفظ أو زيادة، بل لنقل «غير» عن الوصفية إلى كونه أداة استثناء، لكنه يخرج عنه ما ينبغي أن يكون مجازا، وهو جملة حذف ما أضيف إليها، وأقيمت مقامه، نحو: ما رأيته مذ سافر، فإنه في تقدير: مذ زمان سافر إلا أن يؤول قوله كلمة بما هو أعم من الكلمة حقيقة، ومنها حكما، ويدخل فيه ما ليس بمجاز نحو: إنما زيد قائم، فإنه يغير حكم إعراب زيد بزيادة «ما» الكافة، وإن زيدا قائم، فإنه يغير إعراب زيد من النصب إلى الرفع بحذف إحدى نوني إنّ وتخفيفها، وغير ذلك مما تعرفه لو كنت في درجة من التفطن.

فالصحيح كلمة تغير حكم إعرابها الأصلي إلى غيره، أي: إلى غير الأصلي فإن ربك في وَجاءَ رَبُّكَ (١) تغير حكم إعرابه الأصلي أي: إعرابه الذي يقتضيه بالأصالة لا بتبعية شيء آخر، وهو الجر في المضاف إليه أي: إلى غير الأصلي الذي حصل بمتابعة أمر آخر، كالرفع الذي حصل فيه بفرعية مضافة المحذوف وثباته له، وليس ما غير إليه الإعراب الأصلي في الأمثلة المذكورة إلى غير الأصلي، بل إلى أصل آخر.

وكذلك يدخل فيه نحو: ليس زيد بمنطلق، وما زيد بقائم، مع أن المفتاح صرح بأنهما ليسا بمجازين، إذ قيدا لإخراجهما بأن قال: أو زيادة لفظ مستغنى


(١) الفجر: ٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>