(ويتصل به) أي: بما ذكر من جهات حسن التشبيه تعيين الاستعارة، وإن كان بينهما تفاوت، فناسب جمعهما في فصل واحد.
وقال الشارح أي: يتصل بما ذكر من تعيين التشبيه إذا خفي الشبه أنه تتعين الاستعارة؛ إذا قوي الشبه.
هذا وفاعل قوله:«ويتصل به»(أنه إذا قوي الشبه بين الطرفين حتى اتحدا كالعلم والنور، والشبهة والظلمة لم يحسن التشبيه وتعيين الاستعارة)(١) لئلا يصير كتشبيه الشيء بنفسه أو لا يفوت ما أوجبه البلوغ إلى مرتبة الاتحاد من جنس الادعاء، فإذا فهمت مسألته تقول: في قلبي نور، ولا تقول: في قلبي ما هو كالنور، وإذا وقعت في شبهة تقول: أنا في ظلمة، ولا تقول: كأني في ظلمة.
ومن هذا علم أن من فوائد الاستعارة الاحتراز عن تهمة تشبيه الشيء بنفسه ألا ينحصر الغرض منه في المبالغة في التشبيه.
(والمكنى عنها كالتحقيقية) في أن حسنها برعاية جهات التشبيه، لا في أن لا تشم رائحة التشبيه لفظا؛ لأنه تشبيه مضمر في النفس، فلا ينافي رائحة التشبيه.
نعم ينبغي أن نتحاشى عما يوجب ظهور التشبيه.
(و) الاستعارة (التخييلية حسنها بحسب حسن المكنى عنها)؛ لأنها لا تكون إلا تابعة للمكني عنها عند المصنف؛ فلهذا لم يقيد هذا الحكم بقولنا: إن كانت تابعة لها كما قيده صاحب المفتاح؛ لأنه جوّز وجود المكنية بدون الاستعارة بالكناية، ولم يلتفت إلى بيان جهة حسنها إذا لم يكن تابعة لها لقلته كما صرح به؛ حيث قال: وقلما يحسن الحسن البليغ غير تابعة لها.
وينبغي أن يكون حسن الاستعارة التخييلية باعتبار ظهور اختصاصها بالمشبه به، وباعتبار قوتها فيه.
وينبغي أن يكون ما به قوام وجه الشبه أحسن مما به كماله.
قال الشارح: ولقائل أن يقول: لما كانت التخييلية عنده استعارة مصرحة مبنية على التشبيه، فلم لم يكن حسنها برعاية جهات حسن التشبيه أيضا، كما
(١) يعني بتعينها استحسانها؛ لأن التشبيه يجوز في هذا مع حسن الاستعارة فيه.