للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله: ويجوز في غيرها لقرينة مع أنهما في سلك الأمر؛ لأن النحاة جعلوا التقدير في جواب الأمر النهي، وهما يشملهما عندهم، وإن أريد به أنه يجوز تقدير الشرط بعدها باعتبار جميع معانيها فباطل.

[من أنواع الطلب]

(ومنها) أي: من أنواع الطلب (النداء) (١) أي: الكلام المستعمل في طلب الإقبال، وبيان حقيقته وظيفة لغوية، ومجازاته بيانية، ونكات اختيار الحقيقة، أو مجاز من مجازاته وظيفة هذا العلم، وقد خلا عنه هذا البحث (وقد تستعمل صيغته) أي: صيغة النداء، يختص بهذا الكلام، وتسمية هيئة الكلام، صيغة غير شائعة، وكأنه لكون النداء بمنزلة مفرد من مفردات المنادى له في أنه الغرض من ذكره، أطلق اسم الصيغة عليه (في غير معناه) أي: معنى المنادى الموضوع له، إما مع بقاء النداء بأن ينقل من قسم إلى قسم، كاستعمال «يا» لنداء البعيد ولنداء القريب وبالعكس، وإما مع الخروج عن النداء مطلقا كالمثالين المذكورين، ومنه ما ذكر للتنبيه على أن المنادى حاضر في القلب لا يغيب عنه نحو:

أسكّان نعمان الأراك تيقّنوا ... بأنّكم في ربع قلبي سكّان

فجعله مستعملا في نداء البعيد كما فعله الشارح بعيد، ومنه المستعمل في التحسر، والتوجع ومنه الاستغاثة، ومنه التعجب، ومنه الندبة، ومنه التوله، والتحير، وجعل قوله في غير معناه مخصوصا بالقسم الثاني كما فعله الشارح لا داعي إليه.

(كالإغراء في قولك لمن أقبل يتظلم: يا مظلوم) فإنه ليس بطلب الإقبال؛ لكونه حاصلا، وإنما الغرض إقباله على زيادة التظلم وبث الشكوى، ولذا لا يذكر له المنادي له.

(والاختصاص (٢) في قولهم: أنا أفعل كذا أيها الرجل) ملتزم الحذف


(١) هو طلب الإقبال بحرف نائب مناب «أدعو» وهو «يا» أو إحدى أخواتها، ودلالة النداء على الطلب التزامية؛ لأنه بمقتضى تعريفه معنى «أدعو» وهو فعل مضارع لا أمر، ولكن الدعاء يتضمن طلب الإقبال فلهذا جعل النداء من أقسام الطلب، وقيل: إنه مجرد تنبيه لا طلب فيه، وقيل: إنه بمعنى «أقبل» فيدل على الطلب مطابقة لا التزاما. [المفتاح ص ١٧٨].
(٢) استعمال النداء فيه مجاز مرسل علاقته كعلاقة الإغراء، وهو الحقيقة صورة نداء كما سيأتي.

<<  <  ج: ص:  >  >>