للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيجب أن يحمل على أن التقدير: جاء أمر ربك أو عذابه، وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ للقطع بأن المقصود سؤال أهل القرية، وإن كان الله قادرا على إنطاق الجدران أيضا، وأنه ليس المقام مقام تذكير المخاطب، وجعله معتبرا بفناء أهل القرية، حتى يقال لها: اسئل القرية، وقل لها: ما صنعوا كما يقال: سل الأرض من شق أنهارك، فإنه لا يحذف في أمثال هذا المقام المضاف على ما صرح به الشيخ عبد القاهر.

وسر ذلك أن التصرف هنا في السؤال والقصد من الأمر بالسؤال الأمر بالتأمل في القرية الخالية عن أهلها، والتأمل فيها والاعتبار بها، والتذكير لمآل ما تعلق به المخاطب من المنازل والمآرب.

(و) الثاني (كقوله تعالى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ) فإن الأصل ليس مثله شيء، تغير حكم إعراب مثله عن النصب إلى الجر بزيادة الكاف، هذا إذا قيل بزيادة الكاف دون المثل، كما قيل بدليل: إن الزيادة نشأت منه، ورجّح الأول بأن الحكم بزيادة الحرف سيما حرف «ليس» إلا حرفا أنسب، ونحن نرجحه بأن القول بزيادة المثل يؤدي إلى القول بدخول الكاف على المضمر، وإلى الحاجة إلى تقدير متعلق للجار. وقد يقال: المقصود من هذا الكلام نفي أن يكون شيء مثله تعالى، وكما يكون قصد هذا المعنى بجعل الكاف أو المثل زائدا يمكن مع الاستغناء عن جعل شيء منهما زائدا، بل التحصيل مع عدم الزيادة بطريق الكناية التي هي أبلغ من التصريح.

[وذكر الشارح المحقق له وجهين]

أحدهما: وهو ما نقله عن الكشاف، وهو أنه قد قالوا مثلك لا يبخل، فنفوا البخل عن مثله، والغرض نفيه عن ذاته فسلكوا طريق الكناية قصدا إلى المبالغة؛ لأنهم إذا نفوا عمن يماثله، وعمن يكون على أخص أوصافه، فقد نفوه عنه كما يقولون: قد أيفعت لذاته، وبلغت أترابه يريدون إيفاعه وبلوغه، فحينئذ لا فرق بين قوله: ليس كالله شيء، وقوله لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ إلا ما تعطيه


- أثبته الله تعالى لنفسه أثبتناه له مع اعتقاد أنه ليس كمثله شيء، فلا يشبهه أحد من خلقه في شيء مما وصف به نفسه سبحانه.

<<  <  ج: ص:  >  >>