للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عنه استغناء واضحا نحو: كفى بالله، وبحسبك زيد بخلاف: ليس زيد بقائم، وما زيد بقائم.

وفسر شارحوا المفتاح الاستغناء الواضح بما لم يظهر لزيادته فائدة أصلا، وزيادة الباء في النفي لتأكيد النفي.

قال الشارح: وظاهر عبارة المفتاح أن الموصوف بهذا النوع من المجاز هو الإعراب، يريد به أنه قال: الحكم الأصلي لقوله: ربك هو الجر، وأما الرفع فمجاز فيه.

كذا قال المصنف: النصب في قوله تعالى: وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ (١) مجاز، والجر في لَيْسَ كَمِثْلِهِ (٢).

واعترض عليه: بأن الأقرب أن يكون المجاز هو الكلمة دون الإعراب؛ لأنه لا يتم في المجاز بالزيادة نحو: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ أنه تعدى الإعراب عن محله، وقد صرح المفتاح بأن اعتبار التجوز هنا باعتبار مشابهته المجاز في التعدي عن الأصل إلى غير الأصل.

وردّ ذلك بأن ظاهر عبارة تعريفه الذي يجب حفظه أنه نفس الكلمة؛ حيث قال: وهو عند السلف أن تكون الكلمة منقولة عن حكم لها أصلي إلى غيره، فليؤول قوله: وأما الرفع المجاز بأن المراد فحكم مجازي بمنزلة المعنى المجازي في المجاز، والمجاز شائع بالمعنى السابق، لا بهذا المعنى فإنه قلما يستعمل كما دل عليه قوله:

وقد يطلق إذ لا غرض متعلق به في فن البيان.

قال الشارح: حاول المصنف التنبيه عليه اقتداء بالسلف، وحفظا للمتعلم عن الزلق عند استعمال المجاز بهذا المعنى، هذا والأولى القناعة بالوجه الثاني؛ إذ لا بد لتعرض السلف لهذا المعنى من جهة، وهي ليست إلا المعنى المذكور، وستعرف تحقيق هذا المجاز على وجه يكون مقصودا في البيان.

فالأول: (كقوله تعالى: وَجاءَ رَبُّكَ) لاستحالة مجيء الرب (٣)،


(١) يوسف: ٨٢.
(٢) الشورى: ١١.
(٣) مذهب أهل السنة في هذا وأمثاله هو الحمل على الحقيقة مع نفي المشابهة بينه وبين خلقه، فما ....... -

<<  <  ج: ص:  >  >>