هذا المعنى من ذكر قوله: أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ فهو داخل في أصل المقصود، وليس في الإطناب من شيء والله أعلم.
ومن هذا القسم قول كعب بن سعد الغنوي:
حليم إذا ما الحلم زيّن أهله ... مع الحلم في عين العدوّ مهيب (١)
فإنه لو اقتصر على وصفه بالحلم لأوهم أن ذلك له من عجزه عند القدرة، فأزال هذا الوهم بأن جملة إنما هو في وقت تزيين الحلم لأهله، وهذا إما يكون عند القدرة، وإلا لم يكن زينا، وأما المصراع الثاني فيزعم المصنف أنه تأكيد لمفهوم قوله: إذا ما الحلم زين أهله، مع أنه غير حليم حين لا يكون الحلم زينا لأهله، فإنه من لا يكون حليما حين لا يحسن الحلم يكون مهيبا في عين العدو لا محالة، فيكون هذا تذييلا لتأكيد المفهوم لا تكميل كما زعم بعض الناس، وفيه نظر؛ لأن تذييل التكميل تكميل كما لا يخفى فبهذا الاعتبار جعله هذا البعض تكميلا.
وقال الشارح المحقق: وفيه نظر؛ لأن الأهم أن من لا يكون حليما حين لا يحسن الحلم يكون مهيبا في عين العدو؛ لجواز أن يكون غضبه مما لا يهاب ولا يعبأ به، ويمكن إثبات ما منعه بأنه إذا لم يكن حلمه مع العدو حسن لا محالة يكون غضبه مهيبا، وإلا لكان حلمه حسنا؛ إذ لا نفع لغضبه.
قال الشارح: والذي يخطر بالبال أن معنى البيت ألطف وأدق مما يشعر به كلام المصنف، وأن المصراع الثاني تكميل؛ وذلك لأن كونه حليما في حال يحسن فيه الحلم يوهم أنه في تلك الحالة ليس مهيبا لما له من البشاشة وطلاقة الوجه وعدم آثار الغضب والمهابة، فنفى ذلك الوهم بقوله: مع الحلم في تلك الحالة التي يحسن فيها الحلم بحيث يهابه العدو ليتمكن مهابته في ضميره، فكيف في غير تلك الحالة.
[أو بالتتميم]
(وإما بالتتميم، وهو أن يؤتى في كلام لا يوهم خلاف المقصود) يخرج عنه تتميم ذكر في كلام يوهم خلاف المقصود، فإن الفرق بين التتميم والتكميل بأن النكتة في التتميم غير دفع وهم خلاف المقصود، لا بأنه لا يكون يوهم خلاف المقصود؛ إذ لا مانع من اجتماع التتميم والتكميل.
(١) كعب بن سعيد شاعر إسلامي يحسن الرثاء، والبيت من رثائه لأخيه أبي المغوار. انظر البيت في الإيضاح: ١٩٦.