للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مجدهم ورئيسهم فتحجم تقتلك لا يقاوم همهم تقبله، واعترض الشارح في مختصره بأنه من قبيل تتابع الإضافات، وهو مخل بالفصاحة، فكيف يعد محسنا، ودفعه يمنع إخلال التتابع مطلقا بالفصاحة، وقد ورد في الحديث: (الكريم بن الكريم ابن الكريم بن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم) (١) ولا يمكن أن يدفع بأنه مثال الاطراد المحسن، ولا ينافي التمثيل حدوث ما يضر بالفصاحة من وجه آخر، لأن المحسن إنما يكون محسنا بعد رعاية البلاغة المشروطة بالفصاحة عند المصنف، نعم لا يضر عند من لم يشترطها في البلاغة. واعلم أنه كلما زاد الاسم كذلك زاد الحسن، ولذا أعجب عبد الملك بن مروان قول دريد بن الصمة:

قتلنا بعبد الله خير لداته ... ذوات بن أسماء بن زيد بن قارب (٢)

روى أنه لما سمعه عبد الملك قال لولا القافية لبلغ به آدم.

[وأما اللفظي فمنه الجناس بين اللفظين]

(وأما) الضرب (اللفظي) من الوجوه المحسنة للكلام (فمنه الجناس بين اللفظين) تقييد الجناس يفيد أن لفظ الجناس لم يخص اصطلاحا بالتشابه المذكور (وهو تشابههما في اللفظ) أخرج إضافة التشابه إلى اللفظين تشابه المعنيين، ولو قال هو التشابه في اللفظ لخرج بقوله في اللفظ أي في التلفظ، لأنه لا تشابه بين المعنيين في التلفظ، بل في اللفظ، وقد نبه على أن اللفظ يستعمل بمعنيين، وإن أغرب في التعريف فهو جهة للعدول من تشابه الكلمتين، كما في المفتاح، وله جهة أقوى هي أظهر من أن تخفى. ويخرج عن التعريف تكرار اللفظ فإن التشابه يقتضي تغايرا، والتغاير اللازم للتعدد في التكرار لا يسمى في العرف تغايرا، ولهذا يثبت للفظ الواحد معان متعددة، فجعل وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ ما لَبِثُوا غَيْرَ ساعَةٍ (٣) لفظين تحوج إلى تكلف، وخروج من العرف، وتحوج مع ذلك إخراج (أن أن زيدا، وضرب ضرب زيد) إلى مزيد تكلف بإيراد التشابه في التلفظ فقط بمعنى عدم التشابه في المراد، ولا يخفى بعده، ولو لم يقيد بقوله في


(١) صحيح، أخرجه أحمد والبخاري من حديث ابن عمر، وانظر صحيح الجامع (٤٦١٠).
(٢) انظر البيت في الإيضاح: ٣٣٢. لداته: أقرانه، واحده: لدة، بزنه عدة، وعبد الله المذكور هو أخو دريد بن الصمة الشاعر.
(٣) الروم: ٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>