للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولك أن تجعله ضربا ثالثا، وهو حمل اللفظ الكائن في ظنه بمعنى من غير أن يكون في كلام الغير على معنى آخر، ونحن نقول هذا من قبيل التكلف في الضمير، لا حمل اللفظ الواقع في ظنه، بمعنى على معنى آخر، فإن ضمير فكانوها للدروع المذكور في ضمن دورعا لي، وهكذا في الضمير الراجع إلى سهام صائبات، وبعد هذين البيتين:

وقالوا قد صفت منّا قلوب ... لقد صدقوا ولكن عن ودادي

قال الشارح: وهذا البيت من هذا القبيل، وفيه نظر، بل المعنى لقد صدقوا في دعوى الصفاء لكن لا عن حقدي بل عن ودادي، فهو تصديق في بعض الدعوى، وتكذيب في بعضه، وليس من حمل اللفظ على غير ما أراد المتكلم في شيء فتأمل.

(ومنه: الاطراد وهو أن تأتي بأسماء) الأولى بأعلام الممدوح لأن اختصاص الاطراد بما سوى الكنى والألقاب غير ظاهر، واستعمال الأسماء في ما يعمها خلاف الأصل. (الممدوح أو غيره وآبائه) عطف على الممدوح والمراد به ما فوق الواحد يشهد له المثال، والأسماء أضيف إلى المجموع، ولهذا جمع، وليس التقدير بأسماء الممدوح، وأسماء آبائه كما شرحه الشارح، إذ لا يشترط في الاطراد أن يكون للمدوح أو غيره أسماء، فضلا عن الإتيان بها.

(على ترتيب الولادة من غير تكلف) حتى لو وقع تكلف كأن يقال: عتيبة الذي أبوه شهاب، الذي أبوه حارث، لا يسمى اطرادا، فإن قلت لا فائدة لقوله على ترتب الولادة إذ لا يمكن الإتيان من غير ترتيب، وإلا لكذب الانتساب، فلا بد في عتيبة بن حارث بن شهاب من هذا الترتيب، إذ لو قيل عتبة بن شهاب بن سهاب بن حارث لكذب. قلت: لا ينحصر ذكر الممدوح وآبائه في الذكر بطريق الانتساب، فإنه لو قيل ممدوحي عتيبة وشهاب وحارث لكان من الاطراد. (كقوله: [إن يقتلوك فقد ثللت) أي هدمت (عروشهم) من ثل الدار (بعتيبة بن الحارث بن شهاب)] (١) أي تقتله فإنه كان أثاث


- مغربي توفى سنة ٤٧٤ هـ. كانوها: الضمير الواقع خبرا لكان يعود على الدروع.
(١) البيت لربيعة بن سعد، وقيل لداود بن ربيعة الأسدي، وهو في الإشارات: ٢٨٨، والإيضاح: ٣٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>