للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القول بالموجب في هذا القسم (نحو: قوله) تعالى: يَقُولُونَ أي: المنافقون لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ (١) فالأعز صفة وقعت في كلام المنافقين كناية عن فريقهم، والأذل وقعت كناية عن المؤمنين، وقد أثبتوا لفريقهم المكني عنه بالأعز الإخراج فأثبت الله تعالى بالرد عليهم صفة العزة لغير فريقهم، وهو الله ورسوله والمؤمنون، ولم يتعرض لثبوت ذلك الحكم الذي هو الإخراج للموصوفين بالعزة، لكن أوجب ذلك الإثبات نفي الحكم عن فريقهم وإثباته للمؤمنين، هذا على وفق ما في الشرح، وفي تفسير القاضي وغيره عني بالأعز نفسه، وبالأذل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.

(والثاني: حمل لفظ وقع في كلام الغير على خلاف مراده) مما يحتمله احتمالا حقيقيا أو مجازيا، فقوله مما يحتمله للتعميم فلا يكون عاريا عن الفائدة كما يتبادر إلى الوهم (بذكر متعلقه) أي ما يتعلق به سواء كان جارّا ومجرورا كما يتبادر إلى الوهم أو غيره، ليشمل مثل قول القبعثري في خطاب الحجاج معه:

لأحملنك على الأدهم: مثل الأمير يحمل على الأدهم والأشهب، فإنه حمل الأدهم في كلام الحجاج على خلاف القيد الذي هو مراده من الفرس الأدهم، بالعطف عليه شيئا يوجب كونه الفرس، إذا عرفت هذا فلا خفاء أن هذا القسم من القول بالموجب من تلقى المخاطب بغير ما يترقب، فيكون داخلا في البلاغة لا تابعا لها فتأمل.

(كقوله: [قلت ثقّلت) أي حملتك المؤنة (إذ أنبت مرارا) ظرف لقلت أو ثقلت فحمله على تثقيل عاتقه بالأيادي (قال ثقّلت كاهلي) أي عاتقي (بالأيادي)] (٢) أي بنعم هي الإتيان مرارا كل إتيان نعمة، قال المصنف وتبعه الشارح: وقريب من هذا قول الآخر.

وإخوان حسبتهم دروعا ... فكانوها ولكن للأعادي

وخلتهم سهاما صائبات ... فكانوها ولكن في فؤادي (٣)


(١) المنافقون: ٨.
(٢) البيت للحسن بن أحمد المعروف بابن حجاج، وقيل لمحمد بن إبراهيم الأسدي. أورده القزويني في الإيضاح: ٣٣١، ومحمد بن علي الجرجاني في الإشارات: ٢٨٧.
(٣) البيتان والبيت بعدهما ينسبون لابن الرومي، ولأبي العلاء، ولعلي بن فضالة القيرواني، وهو شاعر ... -

<<  <  ج: ص:  >  >>