للقياس، مع أنه ليس تعقيدا فلذا قيده بقوله:(الخلل إما في النظم) وليس المراد بالنظم ما سبق في قوله نظم القرآن لأنه عبارة عن كون اللفظ مرتبة المعاني متناسبة الدلالات على حسب ما يقتضيه العقل، فإن النظم حينئذ شامل لرعاية ما يقتضيه على المعاني والبيان، والخلل فيه يشمل التعقيد المعنوي والخطأ في تأدية المعنى، بل المراد بالنظم تركيب الألفاظ على وفق ترتيب تقتضيه أجزاء أصل المعنى، والخلل فيه بأن يخرج عن هذا التركيب إلى ما لا يشهد به قوانين النحوي المشهورة، أو إلى ما يشهد به لكن يحكم بأنه على خلاف طبيعة المعنى، فيخفى الدلالة لكثرة اجتماع خلاف الأصل الموجبة لتحير السامع، قال المصنف:
فالكلام الخالي من التعقيد اللفظي ما سلم نظمه من الخلل، فلم يكن فيه ما يخالف الأصل من تقديم أو تأخير أو إضمار، أو غير ذلك إلا وقد قامت عليه قرينة ظاهرة لفظية أو معنوية كما سيأتي تفصيل ذلك كله. فالتعقيد اللفظي ربما كان لضعف التأليف، وربما كان مع الخلوص عنه بأن يكون على قوانين هي خلاف الأصل، فلا يكون اشتراط الخلوص عنه بعد ذكر الخلوص عن ضعف التأليف مستدركا كما توهم، ولا يكون وجود التعقيد اللفظي بلا مخالفة لقانون نحوي مشهور مخالفا للحكم، بأن مرجع الاحتراز عنه النحو كما سيجيء لما أنه حينئذ لا يمكن معرفته بالرجوع إلى قواعد النحو، لانطباقه عليها على ما توهم؛ لأن النحو يميز بين ما هو الأصل وبين ما هو خلاف الأصل، والاحتراز عنه بالاحتراز عن جمع كثير من خلاف الأصل، وأما أنه هل يكون الضعف بدون التعقيد اللفظي أم لا؟ فالحق الثاني، وإن توهم بعض الأفاضل أنه لا تعقيد في جاءني أحمد منونا لأن جاءني أحمد يفيد مجيء أحمد ما، لا الشخص المعين، فلا يكون ظاهر الدلالة على الشخص المعين المراد، لكن لا يتجه أن ذكر التعقيد مغن عن ذكر ضعف التأليف كما توهم؛ لأنه لا بأس بإغناء المتأخر عن المتقدم، كما في العكس، ويمكن دفع استدراك ذكر التعقيد لإغناء ضعف التأليف عنه أيضا بأن ضعف التأليف لا يغني عن التعقيد المعنوي، وذكر التعقيد له لا للتعقيد اللفظي، إلا أن المصنف أراد استيفاء بيان التعقيد فذكر التعقيد اللفظي لاستيفائه، لا لأنه يشترط الخلوص عنه في الفصاحة بعد اشتراط الخلوص عن ضعف التأليف.