للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قسيمه، فإنه في الأكثر أخبار وضعت موضع الإنشاء كصيغ العقود وأفعال المدح وفعلا التعجب وعسى والقسم، وأما جعل مطلق أفعال المقاربة للإنشاء كما ذكره الشارح فلا يصح إذ كاد زيد يخرج يحتمل الصدق والكذب وكذا طبق زيد يخرج وكذا رب رجل لقيته وكم رجل ضربته وإن كان كم لإنشاء التكثير في جزء الخبر ورب لإنشاء التقليل فيه لكن لا يخرج به الكلام عن احتمالين الصدق والكذب ولا يتعدى الإنشاء منه إلى النسبة، فعد الشارح إياهما من الإنشاء ليس كما ينبغي؛ لأن إنشاءهما ليس مما نحن فيه ولعل لإنشاء الترجي ويجعل الكلام إنشائيا.

[أنواعه]

(وأنواعه كثيرة) لم يرد بالكثرة ما ينبو عنه صيغة جمع القلة فإنها على ما ذكره المصنف خمسة:

(ومنها: التمني (١)، واللفظ الموضوع له ليت ولا يشترط إمكان التمني) لا يشترط إمكان المطلوب في شىء من أقسام الطلب بل يكفي زعم إمكانه فيما سوى التمني ولا يشترط فيه زعم الإمكان أيضا بل يصح مع العلم بامتناعه، وقد عرفت توجيه مثله فتذكر والمراد بالإمكان إن كان الإمكان الذاتي ففي دلالة قوله (تقول: ليت الشباب يعود) علية بحث؛ لأن في امتناع عود الشباب نظرا وإن أريد الإمكان العادي فنفى الاشتراط المذكور قاصر إذ لا يشترط الإمكان الذاتي أيضا بل يصح تمني المستحيل بالذات، وكما لا يشترط الإمكان لا يشترط الامتناع وخص الإمكان بالنفي لأنه يتبادر الوهم إلى اشتراط إمكانه لما تقرر أنه لا يصح طلب المحال وعدم تمييز الوهم بين طلب على وجه التمني وطلب لا على هذا الوجه في المفتاح أنه يجب في بمعنى تمني الممكن أن لا يكون لك طمع وإلا لكان ترجيا، وفيه بحث لأنه لا طلب في الترجي وإنما هو طمع وترقب فإذا كان طلب المرجو على سبيل المحبة كان هناك تمن وترج فإذا أتى بليت فقد أفيد التمني دون الترجي وإذا أتى بلعل فقد أفيد الترجي.

(وقد يتمنى بهل) كان المناسب إيراده في المعاني المجازية للاستفهام إلا أنه لما تعين ذكر «لو» و «لعل» هناك ناسب ذكر «هل» هنا استيفاء للألفاظ المجازية للتمني (نحو هل لي من شفيع؟ حيث يعلم أن لا شفيع) قرينة صارفة عن إرادة


(١) هو طلب المحبوب الذي لا طمع فيه؛ بأن يكون غير ممكن أو يكون بعيد الحصول.
[الإيضاح ص ٢٤٣].

<<  <  ج: ص:  >  >>