للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحقيقية إذ لا سبيل إلى الاستفهام عن وجود الشىء مع العلم بتعرضه أتى بها لتوقف التجوز عليها لأخذها في مفهوم المجاز ولا تصلح قرينة معينة؛ لأن العلم بعدم الشفيع لا يوجب الحمل على التمني لجواز أن يكون للاستبعاد أو لإظهار شدة افتقاره إلى الشفيع، وترك ذكر القرينة المعينة لعدم توقف المجاز عليها وإنما يتوقف عليها صحته ولم يهملها صاحب المفتاح والعدول إلى «هل» لكمال العناية بالتمني حتى نزل منزلة ما لا جزم بانتفائه، ومنه قوله تعالى: فَهَلْ لَنا مِنْ شُفَعاءَ فَيَشْفَعُوا لَنا (١) حكاية عن الكفار ولا يخص ذلك بهل بل يكون بالهمزة أيضا كقوله:

ألا سبيل إلى خمر فأشربها ... ألا سبيل إلى نصر بن حجّاج (٢)

وقد صرح به ابن الحاجب وورثه عن الجزولي وسيبويه فالأولى وقد يتمنى بحرف الاستفهام (وقد يتمنى بلو نحو لو تأتيني فتحدثني بالنصب) أراد بقوله بالنصب نصب القرينة الصارفة عن الحقيقة فإن المضارع بعد الفاء إنما ينصب بعد الأشياء الستة وأما القرينة المعينة للتمني فهو أن استعارة لو للتمني من بين النسبة قد شاعت دون غيره والعلاقة كون كل منهما لتصوير غير الواقع واقعا، وليس القرينة المعينة أن المناسب للمقام التمني كما ذكره الشارح؛ لأنه يحتمل المقام التحسر على انتفاء الإتيان فيكون «لو» مستعارا للنفي، وإنما يعدل في التمني إلى «لو» إشعارا بامتناعه والامتناع في المثال المذكور يحتمل أن يكون باعتبار الإتيان وأن يكون باعتبار التحديث وقيل: «لو» مصدرية مختصة بما بعد فعل فيه معنى التمني نحو ودوا لو تدهن أي: أن تدهن وكثيرا ما يستغني باختصاصها بما بعد فعل التمني عن ذكره قبلها فقوله لو تأتيني بتقدير أود أن تأتيني.

قال (السكاكي (٣) كان حروف التنديم) في الماضي (والتحضيض) في المضارع وقيل التحضيض في المضارع يستلزم التنديم على قوله في الماضي أو على


(١) الأعراف: ٥٣.
(٢) البيت لفريعه بنت همام في خزانة الأدب (٤/ ٨٠ - ٨٤، ٨٨، ٨٩)، لسان العرب (مني) وبلا نسبة في سرّ صناعة الإعراب ص ٢٧١ وشرح المفصل (٧/ ٢٧). ورواية البيت:
هل من سبيل إلى خمر فأشربها ... أم هل سبيل إلى نصر بن حجاج
(٣) المفتاح ص ١٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>