للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عدم فعله قبل الحض والتنديم في الماضي يوجب التحضيض على فعله في المستقبل فهي لا تنفك عن تنديم وتحضيض (وهي هلا وإلا بقلب الهاء همزة) على عكس قراءة «هياك نستعين» في إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (ولولا ولو ما مأخوذة منهما (١) مركبتين مع لا وما المزيدتين) جعلهما مركبتين مع ما تغليب لهل أو إلا وإنما جعل المأخوذ «هل» و «لو» مع أن «ما» و «لا» أيضا من الأجزاء؛ لأن المراد في الأخذ هما وإنما زيدتا تبعا لهما كما يظهر من قوله (لتضمينهما معنى التمني) (٢) أي: جعل زيادة ما ولا علامة إرادة التمني فهما مع أخذهما لا ينفكان عنه فزيادتهما لإلزام التمني إياهما وليس المقصود مجرورا وحروف التحضيض إلى هل ولو حتى يكون خارجا عن نظر الفن متعلقا بعلم الاشتقاق، بل المقصود التنبيه على أن التمني المقصود بهما قد يجعل ذريعة إلى أمر آخر وهذا من أسرار هذا الفن لا يرضى الألمعي فيه أن يفوته مثله ويرشدك إلى هذا المقصد قوله: (ليتولد) تعليلا للتضمين (منه) أي: التمني (في الماضي التنديم نحو: هلا أكرمت زيدا وفي المضارع التحضيض نحو: هلا تقوم) فإن قلت: التمني طلب الشىء على سبيل المحبة ومحبة المتكلم للشىء لا يوجب ندامة المخاطب على تركه أو حرصه على فعله فكيف يتوسل به إلى التحضيض والتنديم؟ قلت: التمني لا لنفسه بل للشفقة على المخاطب فيوجب ذلك بلا خفاء ولله در معرفة المصنف زبدة مقاصد المفتاح ولطف تنقيحه لكلامه حيث لخص كلامه في هذا الموضع على هذا الوجه وهو في خفاء الدلالة عليه بحيث يكاد ينكر صحة نقله؛ ولهذا اشتغل الشارح بتصحيحه، ونحن اعتمدنا على ذكاء الناظر في كلامه المباهل للنظر فيه ولمعرفة مرامه ونحن نقول: الأحسن أن يجعل لا وما أيضا مما له مدخل في التنديم والتحضيض ولا يجعلان مجرد أمارة على قصد التمني بهما مع أنه لم يتبين مناسبة لهما بكونهما علامتين وجّهه لاختيارهما دون غيرهما، وذلك بأن يقال ما ولا للنفي تحسرا على ما فات وما سيفوت فكأنه قال: ليتك فعلت ما فعلت وليتك تفعل لا تفعل.


(١) أي من «هل ولو» اللتين للتمني، وهذا تكلف من السكاكي، والنحويون على أنها موضوعة للتخصيص والتنديم من أول الأمر. [بغية الإيضاح (٢/ ٣٣)].
(٢) يريد بتضمينهما ذلك جعلهما دالين عليه مطابقة لا تضمنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>