للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكلام موئس عن ذكره؛ لأن إيراد الفعل المجهول علامة الاجتناب عن الذكر بالكلية.

وحاصل الترجيح أنه: كنعمة غير مترقبة، وغير مترقبة نعمة غير مشوبة بألم الانتظار وتعب الطلب، فهي لذة صرفة، فيكون ألذ، وهذه المقدمة ناقض فيها المصنف والشارح أنفسهما، حيث ذكر المصنف في بحث التشبيه أن: نيل الشيء بعد طلبه ألذ، وتبعه الشارح. قال الشارح المحقق: ولمعارض أن يفضل نحو:

ليبك يزيد ضارع، بنصب يزيد على خلافه بسلامته عن الحذف، وباشتماله على إيهامه الجمع بين المتناقضين من حيث الظاهر؛ لأن نصب نحو: يزيد، وجعله فضلة يوهم: أن الاهتمام به دون الاهتمام بالفاعل، وتقديمه على الفعل المظهر يوهم أن الاهتمام به فوق الاهتمام بالفاعل، وبأن في أطماع أول الكلام في ذكر الفاعل مع تقديم المفعول تشويقا إليه، فيكون حصوله أوقع وأعز. هذا كلامه، وفيه بحث من وجوه هي: إيهام الجمع بين المتنافيين موجود في خلافه أيضا حيث حذف الفاعل وذكر فيوهم أن الاهتمام به، وبه اهتمام، وأن ليس بين الفعل والفاعل فضل موجب للتشويق؛ لأنه فضل قليل، وبأن الحذف لنكتة، وأن لا يترجح على الذكر فلا يرجح، وقد جعله السكاكي من المرجحات حيث قال: ناب هذه الجملة مناب الجمل الثلاث، وليس هذا إلا بالحذف على أن مرثية يزيد تستدعي النكتة المذكورة في المتن، فلا يعارضه السلامة عن الحذف، ولا إيهام الجمع بين المتنافيين، فإن قلت: لو لم يترجح الذكر على الحذف لما صح ما سيأتي من ترجيح: وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ (١) على قولهم: القتل أنفى للقتل (٢)، بسلامته عن الحذف؟ قلت: الترجيح بأن الفائدة الحاصلة منه بمؤنة التقدير، تحصل من الآية بدون التقدير، ولا ريبة في رجحانه، وما نحن فيه ليس من هذا القبيل، وقال السيد السند: إن وصمة قولهم: القتل أنفى للقتل؛ لعدم وضوح قرينة الحذف، لا لأن الحذف مرجوح بالنسبة إلى الذكر، وفيه أنه لا خفاء في أن المراد: أن القتل أنفى من تركه

[وأما ذكره فلما مر]

(وأما ذكره فلما مر)، ولما لم يقل: فيما مر،


(١) البقرة: ١٧٩.
(٢) قال في الإيضاح: وفضله على ما كان عندهم أوجز كلام في هذا المعنى- وهو قولهم: القتل أنفى للقتل من وجوه، وذكر ثمانية أوجه ص ١٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>