للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: يحتمل القسمة إلى الأربعة عقلا، وكأنه لم يوجد ولعدم وجوده سقط قسمان من القسم الثالث والرابع؛ فالأقسام العقلية ستة عشر حاصلة من ضرب أربع في أربع، والواقعة تسعة، ومن البين أن تقسيم الطرف يستلزم تقسيم التشبيه باعتبار الطرف، وبالعكس، وهكذا الحال في الوجه والأداة والغرض فالمصنف يقسم تارة الطرف مثلا، ويترك تقسيم التشبيه باعتباره، وتارة يعكس إعمالا للطريقين، وتجديدا للسلوك، وتفننا في البيان.

وأما تقسيم التشبيه باعتبار الطرف هنا مع أنه علم من تقسيم الوجه المركب باعتبار الطرف فلمزيد الاهتمام بالتشبيه الذي وجهه مركب فإنه ما به التفاضل بين البلغاء والتفاضل بين الخطباء وللتنبيه على الفرق بين المفرد والمقيد وهو أحوج شيء إلى التأمل وإعمال الذكاء.

[إما تشبيه مفرد بمفرد]

(إما تشبيه مفرد بمفرد، وهما غير مقيدين كتشبيه الخد بالورد) ولا نعني بالمقيد ما ذكر معه قيد، بل ما لقيده مدخل في التشبيه.

ألا ترى أنه جعل من غير المفيد قوله تعالى: هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَّ (١) مع أن اللباس موصوف؛ لأنه لا دخل في وجه الشبه لهذا الوصف، فإنه إما حسي على ما بينه الزمخشري، وهو أن كل واحد يشمل على صاحبه عند الاعتناق كاللباس أو عقلي كما ذكره غيره، وهو أن كل واحد منهما يصون صاحبه من الوقوع في فضيحة الفاحشة؛ فإن الفاحشة هي الزنا، وما يشتد قبحه من الذنوب، وما نهى عنه، واللباس يصون من كشف العورة، والزنا؛ لأنه ما لم يجرد العورة عن اللباس لا يمكن الزنا كما أن كلا من المرأة والرجل يصون صاحبه عن الوقوع في الزنا، وما يتبعه من الوقوع في المنهيات وقبايح الذنوب، وشيء من الوجهين لا يتوقف على القيد على ما ذكره الشارح.

وفيه بحث دقيق، يتبعه تحقيق، وهو أن المقصود تشبيه كل منهما باللباس في الاشتمال على صاحبه أو صون صاحبه، وذلك ليس لمطلق اللباس، بل للباسة فلإضافة اللباس دخل في وجه الشبه، فالأظهر أن الآية لتشبيه المقيد بالمقيد، ووجه ما قاله أنه شبه كلا منهما باللباس المطلق في الاشتمال أو الصيانة، ثم قيد


(١) البقرة: جزء من الآية: ١٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>