للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الترديد، والعموم الذي يربى الحكم العموم على سبيل الاجتماع.

[وأما تعريفه]

[فبالإضمار ٢٩١ - ]

وقوله (فبالإضمار) يشعر بأنه بصدد تفصيل أقسام التعريف، والمقام يقتضي كونه بصدد تفصيل أعراض كل قسم، فالأولى: وأما تعريفه بالإضمار؛ فلأن المقام أي الموضع.

واعلم أنه فاتهم بيان الغرض من التعريف بالنداء، وهو وإن كان بمعزل عن تعريف المسند إليه والمسند، لكن بحث التعريف لا يخص شيئا منهما إلا صورة، والباحث يتكلم عليك في معرفة الغرض منه في غيرهما من أجزاء الكلام، فنقول، أما التعريف بالنداء في قولك: يا رجل، فللإشارة إلى حصة معية من الجنس، فهو بمنزلة اللام في العهد الخارجي، وربما يقصد به تعيين الجنس، لاعتباره في ضمن كل فرد، نحو قوله تعالى: يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ (١) قوله تعالى:

يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ إِنَّكَ كادِحٌ (٢) فهو بمنزلة اللام الاستغراقي وهم لم يجعلوا يا رجلا في شيء من التعريف، وقالوا لم يقصد فيه، إلا النداء، كما في يا زيد، وحرف النداء لا يلزمه قصد التعريف، ولك أن تجعله لقصد تعريف الجنس، إلا أنه اعتبر في ضمن فرد ما فيكون بمنزلة اللام في العهد الذهني، إلا أن التزام وصفه بالنكرة يؤيد اعتبارهم، وقدم التعريف في أحوال المسند إليه لأنه الأصل فيه، كما أنه قدم التنكير في أحوال المسند لأنه الأصل فيه، وقدم المضمر لكونه أعرف المعارف، وبنى عليه ترتيب الذكر في الضمائر الثلاثة، إلا أنه لم يراع ذلك في تقديم الموصول على اسم الإشارة، والأولى أنه قدم الضمير لأن مباحث تعريف الاسم الظاهر كثيرة، فأراد الاشتغال بها بعد فراغ البال عما في الضمير.

(لأن المقام للمتكلم والخطاب والغيبة) يعني ولا مقتضى للعدول عنه، وإلا فقول الخلفاء: أمير المؤمنين يأمرك بكذا في مقام التكلم والخطاب، وهو توجيه الكلام إلى حاضر، والغيبة كون الشيء غير مخاطب ولا متكلم، أي إذا كان الموضع موضع كون المسند إليه متكلما أو مخاطبا أو غائبا، وفيه أن كون الشيء غائبا لا يستدعي الإضمار؛ لأن الأسماء الظاهرة كلها غيب، ولهذا عرف الضمير


(١) الانفطار: ٦.
(٢) الانشقاق: ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>