تركه المصنف ظنّا منه أن العام لا يتحقق إلا في ضمن الخاص، فنكتة الخاص يكفي لإيراد العام، وليس كذلك لما عرفت أن اختيار الخاص لنكتة تدعو طالب التعريف إليه، وهذا أتم مما قيل: ارتفاع شأن الكلام بأن لا يغفل من نكتة العام بعمومه، ومن نكتة الخاص بخصوصه، وقد تنبه المصنف لذلك فأوردها في الإيضاح (١)، وهي قصد إفادة المخاطب فائدة كاملة معتدا بها، وفائدة الخبر إما الحكم بكون المسند للمسند إليه، وإما الحكم بعلم المتكلم بها، وكلما زاد على أصل الحكم بشيء على شيء خصوص زاد الفائدة، لكن ما لم يوجب البعد عن حد الوقوع إلى أن لا يقبل الخبر من المتكلم، وخصوص الحكم إما بخصوص المسند إليه إما بالتعريف أو التقييد، أو تكثير المحكوم عليه بالتعميم، لا على سبيل الترديد، وإما بغير ذلك، ولكل مقام، كما أن لكل قسم من التعريف مقاما ولذا فصل.
وبما ذكرنا نقحنا ما ذكروا في هذا المقام واندفع ما يرد على قولهم، كلما كان الحكم أبعد كانت الفائدة في الإعلام به أقوى، لأنه لا يتم لأن الحكم ربما يخرج بالبعد عن خبر القبول، واندفع ما يتجه على كون الفائدة في المعرفة أتم أنه يمكن تخصيص النكرة بالوصف حتى لا يشارك فيه غيره، ولا يكون للمعرفة عليه مزية، وذلك لأنه خصوص حصل بما زاد على التنكير من الوصف، وناب مناب التعريف، وله مقام ربما لا يوجد حيث وجد مقام التعريف. وأما ما ذكره الشارح من أن التعريف أتم من هذا التخصيص لأنه وضعي بخلاف تخصيص النكرة قبيحة عليه أن الفائدة التي تدور على الخصوص بعد فهم الخصوص لا محالة من النكرة المخصوصة، لا يمكن أن يكون في المعرفة أقوى، لكون الخصوص فيه وضعيّا. على أنه إن أراد الوضع الإفرادي فلا يوجد في المعرف باللام والمضاف، وإن أراد ما يعم الوضع التركيبي فيوجد في النكرة الموصوفة، واندفع أيضا ما يرد على قولهم: كلما ازداد المسند إليه خصوصا ازداد الحكم بعدا وصارت فائدة الحكم أتم، وكلما ازداد عموما ازداد الحكم قربا، وصارت أنقص، من أن:
جاءني كل عالم أبعد من: جاءني زيد؛ إذ قد عرفت أن المراد العموم على سبيل